إلى تبوك أتاه يُحنَّة بن رؤبة صاحب أيلة (?)، فصالح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأعطاه الجزية" (?).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ هذا الحديث أن المهادنة التي كانت بين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين يُحنَّة ملك (أيلة)، كانت على أساس دفع جزية معينة، وهذا يدل على مشروعية أخذ الجزية لقاء الهدنة.
2 - أن الهدنة إذا جازت على غير مال، فعلى مال وهو أكثر نفعًا أولى (?).
3 - أن في ذلك مصلحة للمسلمين (?).
4 - أن أخذ الجزية منهم في هذه الحالة نوع من الجهاد؛ لما فيه من كسر شوكتهم، وإضعاف مادتهم (?).
• الخلاف في المسألة: يرى بعض العلماء أنه وإن جاز أخذ العوض من الكفار مقابل المصالحة والهدنة معهم فإن هذا العوض لا يُعَدّ جزية.
يقول ابن رشد: (وقوم لم يجيزوها -أي: الهدنة- إلَّا لمكان الضرورة الداعية لأهل الإسلام من فتنة أو غير ذلك، إما بشيء يأخذونه منهم لا على حكم الجزية إذ كانت الجزية إنما شرطها أن تؤخذ منهم وهم بحيث تنفذ عليهم أحكام المسلمين) (?).
ويقول ابن المناصف: (فأمَّا مصالحة من صولح من العدو على مالٍ يُؤذونه، وإقرارهم هناك على حالِ مملكتهم ومنعتهم؛ فليس هذا من باب الجزية في شيء، وهي مهادنة، ولا تجوز إلَّا لضرورة) (?).
ولمناقشة هذا الرأي يمكن القول: أن ما يعطيه الكفار لقاء الهدنة وإن كان لا يسمى جزية فإن له حكم الجزية، ولذا قال العلماء: والمال الذي هودنوا عليه مثل