وجه الدلالة من تلك النصوص على جواز الغزو بالنساء: أن خروج النساء في الغزو كان أمرًا مشتهرًا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم ينكره -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يرد عن أحد من أصحابه إنكاره، مما يدل على جواز ذلك.
• الخلاف في المسألة: لم أجد من خالف في هذه المسألة إلا الحسن البصري -رحمه اللَّه -، فإنه كان يكره أن تخرج النساء إلى شيء من هذه الفروج (?) -يعني الثغور- لكن لم أجد من وافق الحسن على رأيه هذا، بل هو مخالف للإجماع الذي حكاه النووي، وللنصوص الصريحة الصحيحة التي ذكرتها في مستند الإجماع.
ولعل رأي الحسن -رحمه اللَّه- يُحمل على خروجهن مع السرية الصغيرة؛ فإنه يكره خشية سبيهن واسترقاقهن.Rالذي يظهر -واللَّه أعلم- هو صحة الإجماع الذي حكاه النووي على جواز الغزو بالنساء، وأما الخلاف الوارد في ذلك فهو خلاف ضعيف لا تعضده النصوص الشرعية، ولا يمكن أن ينخرم الإجماع بمثل هذا الخلاف. إلا أن جواز الغزو بالنساء ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بقيود وضوابط يذكرها الفقهاء، وهي على سبيل الإجمال:
1 - أن يكون خروجهن في الجيش الذي له قوة ومنعة، أما خروجهن في السرية الصغيرة فيكره خشية سبيهن وتعريضهن للضياع (?).
2 - أن يكون معها محرم إذا كان الغزو مسافة سفر، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" (?). وإن كان دون مسافة السفر فلا بأس أن تخرج بدون محرم، ولكن لا بد من إذن زوجها إن كانت ذات زوج، إلا إذا كان النفير عامًّا، وكان في خروجها قوة للمسلمين فلا بأس أن تخرج بدون إذن، لأجل الضرورة (?).
3 - أن تكون وظيفتها في الغزو سقي المجاهدين ومداواة المرضى والجرحى، فلا تباشر القتال لضعفها وخورها، ولأنها سورة ولا يؤمن أن ينكشف شيء منها في حال