الإمام قسمة الغنائم ولا تخميسها، وله أن يحرم بعض الغانمين.
واحتجوا لذلك بما وقع في فتح مكة، وقصة حنين، وقالوا: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتح مكة عنوة بعشرة آلاف مقاتل، ومنَّ على أهلها فردها عليهم، ولم يجعلها غنيمة، ولم يقسمها على الجيش، فلو كان قسم الأخماس الأربعة على الجيش واجبًا لفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا فتح مكة.
قالوا: وكذلك غنائم هوازن في غزوة حنين، أعطى منها عطايا عظيمة جدًّا، ولم يعط الأنصار منها، مع أنهم من خيار المجاهدين الغازين معه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . قالوا: لو كان يجب قسم الأخماس الأربعة على الجيش الذي غنمها لما أعطى -صلى اللَّه عليه وسلم- ألفي ناقة من غنائم هوازن لغير الغزاة، ولما أعطى ما ملأ بين جبلين من الغنم لصفوان بن أمية، وفي ذلك اليوم أعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل، وكذلك عيينة بن حصن الفزاري (?). وقد رد النووي هذا القول بأنه مخالف للإجماع (?).
ومن أظهر الأجوبة عما وقع في فتح مكة: أن مكة ليست كغيرها من البلاد؛ لأنها حرام بحرمة اللَّه من يوم خلق السموات والأرض إلى يوم القيامة، وإنما أحلت له -صلى اللَّه عليه وسلم- ساعة من نهار، ولم تحل لأحد قبله ولا بعده، وما كان بهذه المثابة فليس كغيره من البلاد التي ليست لها هذه الحرمة العظيمة.
وأما ما وقع في قصة حنين فالجواب عنه ظاهر، وهو أن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استطاب نفوس الغزاة عن الغنيمة؛ ليؤلف بها قلوب المؤلفة قلوبهم؛ لأجل المصلحة العامة للإسلام والمسلمين (?).
كما اختلف الفقهاء في حكم المغنم من الأراضي، فقال البعض: يخير الإمام بين قسمتها كما يفعل بالذهب والفضة ولا خراج عليها، بل هي أرض عشر مملوكة للغانمين، وبين وقفها للمسلمين بصيغة، وقيل: بغير صيغة،