والتشاور في المعضلات.
ونحن نرى الإمام المستجمع خلال الكمال البالغ مبلغ الاستقلال، أن لا يغفل الاستضاءة في الإيالة وأحكام الشرع بعقول الرجال، فإن صاحب الاستبداد لا يأمن الحيدة من سنن السداد، ومن وفق الاستمداد من علوم العلماء كان حريًّا بالاستداد ولزوم طريق الاقتصاد، وسر الإمامة استتباع الآراء وجمعها على رأي صائب، ومن ضرورة ذلك استقلال الإمام.
ثم هو محثوث على استقاء مزايا القرائح، وتلقى الفوائد والزوائد منها، فإن في كل عقل ميزة، ولكن اختلاف الآراء مفسدة لإمضاء الأمور، فإذا بحث عن الآراء إمام مجتهد، وعرضها على علمه الغزير، ونقد بالسبر والفكر الأصوب من وجوه الرأي، كان جالبًا إلى المسلمين ثمرات العقول، ودافعًا عنهم غائلة التباين والاختلاف، فكأن المسلمين يتحدون بنظر الإمام، وحسن تقديره وفحصه ونقره.
ولا بد على كل حال من كون الإمام متبوعًا غير تابع، ولو لم يكن مجتهدًا في دين اللَّه للزمه تقليد العلماء، واتباعهم، وارتقاب أمرهم ونهيهم وإثباتهم ونفيهم، وهذا يناقض منصب الإمامة، ومرتبة الزعامة" (?).
• المخالفون للإجماع: ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم اشتراط كون الإمام عالِمًا مجتهدًا، وقالوا: "الإمامة من مصالح الدين، ليس يحتاج إليها لمعرفة اللَّه -تعالى- وتوحيده، فإن ذلك حاصل بالعقل، لكنها يحتاج إليها لإقامة الحدود، والقضاء بين المتحاكمين، وولاية اليتامى والأيامى، وحفظ البيضة، وإعلاء الكلمة، ونصب القتال مع أعداء الدين، وحتى يكون للمسلمين جماعة، ولا يكون الأمر فوضى بين العامة، فلا يُشترط فيها أن يكون الإمام أفضل الأمة علمًا. . . " (?).
قال الشهرستاني: "ومالت جماعة من أهل السنة إلى ذلك، حتى جوزوا أن