لها وجاهتها فى بعض الأحيان- قد فرًقت المعتزلة، فقد كانوا جميعا ينهلون من ذات معين الإلهام الواحد وهو "احترام العقل" فى مجال الدفاع عن العقائد الدينية (حتى أن العقل يصبح عندهم "ميزان القانون")، والاهتمام بتنزيه الذات الإلهية عن كل صور التعددية والتجسيد، والرغبة فى التأكيد على الكمال المطلق للذات الإلهية. وقد عرف المعتزلة أنفسهم بأنهم "أهل العدل والتوحيد".
ويمكننا أن نلحظ تأثير أفكار المعتزلة على الفكر اليهودى الناشئ فى البيئة العربية، إذ اشتمل بدوره على "الكلام" الذى نحا إلى معارضة فقهاء المسلمين كما اقتضت الضرورة ذلك، والذى استعار منهم وبصفة أساسية إشكالياته ومنهجه ونظم المناقشة الخاصة به. وكان أشهر المتكلمين اليهود "سَعديا جون" (أو: سعيد الفيومى).
والأصول أو المبادئ الخمسة التى قامت عليها إشكالية فكر المعتزلة هى: -
(1) التوحيد: فصفات اللَّه تكون ذات معنى فقط حينما تؤخذ فى إطار من التنزيه التام؛ الأمر الذى سارع خصومهم باعتباره من قبيل التعطيل الجهمى؛ فالإله الخالق -ذلك الكائن الروحى المطلق- ليس من الممكن الوصول إليه ومن المحال رؤيته، سواء أكان ذلك فى الدنيا أم فى الآخرة.
(2) العدل: فاللَّه يؤتى أفعاله عن قصد، والأشياء بطبيعتها تتضمن الخير والشر، لكن اللَّه لا يشاء إلا الخير، وهو قد تكفل بإيتاء الأصلح. . ومن ثم فهو لا يشاء الشر ولا يأمر به. أما الإنسان فهو مالك تصرفاته بما أودعه فيه اللَّه من قدرة، ومسئول عما يفعل! واللَّه قد تكفل بمثوبته أو عقابه بناء على ذلك.
(3) الوعد والوعيد أو الأسماء والأحكام: الإيمان معناه الالتزام بالأفعال التى حض عليها القرآن الكريم، ومن يرتكب الكبيرة ولا يكفر عنها فمآله إلى جهنم.
والأحكام تصدر من أجل المؤمن وغير المؤمن معا. وهذا المبدأ يتعامل أيضا مع "الأخبار"؛ فهو على نقيض المبدأ المتعارف عليه لا يحتم أن يكون كل "الناقلين" من المؤمنين، ولا يتشبث