بمقولة إن "الإجماع معصوم من الخطأ".
(4) المنزلة بين المنزلتين: المنزلة الوسطى بين منزلتى المؤمن والكافر هى منزلة "الفاسق" أى المؤمن مرتكب الذنوب، وهذا المبدأ من خصائص فكر المعتزلة. فالمذنب ليس بمؤمن حقا ولا بكافر حقا؛ فهو قد فشل فى أن يعصم أطرافه عن ارتكاب الذنوب، لكن إيمانه باللَّه يبقيه داخل جماعة المسلمين. وهذا هو المدخل الذى نوقشت من خلاله شروط الإمامة ومن ثم كان استحقاق الخلفاء الراشدين للخلافة.
(5) الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: وهو مبدأ كانت له وجاهته أول الأمر، ثم فقد موضوعيته بعد ذلك؛ فالأمر بالمعروف فريضة على كل مسلم (على نقيض ما ذهب إليه الأصم البصرى)، وقد دعا المعتزلة -مخالفين فى ذلك وجهة النظر الأكثر كياسة وتبصرا التى قدر لها أن تنتصر آخر المطاف- إلى التدخل المباشر بالسيف إذا اقتضى الأمر هذا التدخل. فالمرء فى نظرهم يمكن له بل ويجب عليه) خلع أولى الأمر الفاسدين، والمرء يمكن له بل ويجب عليه إكراه خصومه -تحت طائلة العقاب بالموت- على الاعتراف بالعقيدة الحقه. كان هذا موقف المعتزلة فى أوج مجدهم فى عهد المأمون حينما كانوا يقتادون المنادين بعدم خلق القرآن الكريم إلى المحاكم.
ومع ذلك تظل الحقيقة أن كتابات أقطاب المعتزلة -بغض النظر عن رسالة "الانتصار" الجدلية التى وضعها الخياط دفاعا عن عقائد المعتزلة فى مواجهة "ابن الراوندى"- غير متاحة لنا إلا من خلال كتابات الآخرين عنها. وبعد أن ظل مذهب المعتزلة المذهب الرسمى للدولة لبعض الوقت؛ فإنه ما لبث أن تعرض بدوره للشجب وإهلاك معظم إنتاجه. وفى العصر الحديث فقط (حوالى عام 1958) برزت إلى دائرة الضوء فى اليمن -متأخرة لسوء الحظ- كتابات المعتزلى القاضى عبد الجبار المتوفى عام 415 هـ/ 1025 م)، حيث ظهر أولا "المغنى فى أبواب التوحيد والعدل" وهو بحث شامل حقا، ثم ظهر "كتاب