المعتزلة فلم يكن مجهولا إذ كان من بين معتنقيه خليل غفلة (القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى) ويحيى بن السمينة (المتوفى 315 هـ/ 927 م) وموسى بن حدير (المتوفى 320 هـ/ 932 م)، وأخيرا ظهرت الفلسفة على المسرح على يد الصوفى ابن مسرّة (المتوفى 319 هـ/ 931 م) ومدرسته.
وقد تطورت العلوم الأخرى المرتبطة بالعلوم الدينية فى خط مواز لها، فمنذ نهاية القرن الثانى للهجرة (الثامن للميلاد) وردت كتب النحو المشرقية لإسبانيا وكانت هناك حلقات دراسية لدراستها لكن يبدو أن الدراسات اللغوية لم تزدهر بشكل ملحوظ إلا بوصول اللغوى العراقى أبى على القالى إلى قرطبة سنة 330 هـ/ 941 م الذى كان ما ورد فى كتابه الأمالى مثالًا لما نشره من علم فى هذه البلاد. وقد ألف أبو على القالى -من بين ما ألف- كتاب النوادر، وكتاب البارع، وقد اعتبر ابن حزم أن محمد بن يحيى الرياحى (المتوفى 358 هـ/ 968 م) ومحمد بن عاصم (المتوفى 382 هـ/ 992 م) ندّين للمبرد. وقد اهتم ابن القوطية أيضا (المتوفى 367 هـ/ 977 م) اهتماما كبيرًا بالنحو، وصنف ابن السيد (تلميذ القالى) معجما (المتوفى ابن السيد سنة 385 هـ/ 995 م) وحذا حذوه بعد ذلك ابن التيانى (المتوفى 436 هـ/ 1044 م) إلا أن المعجم الجدير بالتنويه هو المخَصّص لابن سِيده (398 - 458 هـ/ 1007 - 1066 م).
أما بالنسبة للتاريخ فلم يكن الأندلسيون عازفين عن تتبع مجريات التاريخ العالمى. ومن مؤرخيهم ابن حبيب الذى لم يضع حدًا فاصلًا بين ما هو تاريخ من ناحية وما هو روايات ذات طابع أسطورى من ناحية أخرى، ومثل عريب بن سعد (المتوفى 370 هـ/ 980 م) الذى تابع حوليات الطبرى، إلا أنهما (عريب وابن حبيب) اهتما بالتاريخ الأندلسى من خلال تناولهما للأسرات الحاكمة ومن خلال تراجمهم للقضاة وعلماء الشريعة والمحدّثين والأطباء. . إلخ. ومن الذين أرّخوا لعلماء الحديث ابن الفرضى (351 - 403 هـ/ 962 - 1013 م)، ومن الذين أرخوا للقضاة الخشنى (المتوفى 361 هـ/