مرارة خاصة حين كانوا يتذكرون أكابر العمال الثقفيين فى عهد الأمويين.
وجاهر الحكام العباسيون بعدائهم للحجاز حيث ظلت فتن العلويين تضطرم فيه. (كتاب الأغانى، جـ 3، ص 94). وقد ضمت الطائف قبر جد الخلفاء العباسيين عبد اللَّه بن العباس الذى أصبح بمثابة الشفيع لهذه البلدة، ولكن قيام هذا القبر فى الطائف، وهو القبر الذى يزوره الناس كثيرًا، لم تسل العداوة قط من قلوب العباسيين الذين لم يغفروا لأهل الطافف قط ما كان من تشيعهم للأمويين، وتركوا البلدة تضمحل رويدًا رويدًا (*). ومن الشواهد النادرة التى تخالف ذلك ما نصادفه من أن أميرة عباسية قد أبدت بعض العناية بالطائف، ذلك أن أم الخليفة المقتدر اشترت ضياعا فيها، ومن قبلها فعلت ذلك السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد الطائرة الصيت، ومن ثنم وجدت قنوات المياه التى أنشئت فى مكة. وقد ظلت الطائف هى ونواحى السراة المجاورة لها سوقا لمكة بفاكهتها وقمحها.
ومنذ القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) جرى جغرافيو العرب الذين ذكروا الطائف على وصفها بقولهم إنها "بليدة" بل هم يزيدون على ذلك أنها صغيرة. وأصبحت أرباضها مقفرة حتى إن الموسوعيين أمثال ياقوت والبكرى لم يعثروا فيها على مواقع الضياع والقرى التى ذكرت أيام الأمويين. وظلت الطائف منذ قيام إمارة الحسنيين فى مكة خاضعة فى معظم الأحوال الحكم الأشراف الأعظمين، وقد أقيمت الأسوار حول الطائف وشيدت قلعتها المتواضعة بقصد حماية مكة من غارات المغيرين القادمين من نجد؛ ولم تستطع أن تفى بهذا الغرض إلا بقدر محدود وخاصة فى الحروب التى نشبت بين الأشراف الأعظمين والوهابيين فى عهد ابن سعود، فقد استولى عليها هؤلاء الوهابيون سنة 1802، وانتزعتها من قبضتهم الجيوش