أيضًا كما استهوتها القصص التى حفلت بالحوادث إلى أقصى حد ممكن، ولذلك نجد فى السيرة قصصا عن نشأة المدن المشهورة، والأماكن والعمائر، ومجئ نهر النيل إلى مصر وغير ذلك. ونجد فيها أيضًا وصفا للرحلات والمغامرات الكثيرة التى قام بها سيف بن ذى يزن وأولاده وفرسانه والأرواح المسخرة له، وقصص حبه وحب غيره التى تتبدى دائمًا فى صورة جديدة، ووصفا للعمائر الرائعة، والأقاليم، والأشخاص الذين تروى أنباؤهم للسامعين وما إلى ذلك من أمور كثيرة. ويجمح الخيال الذى يستعان به فى إثارة عجيب الجمهور فى نهاية السيرة ويصبح مغرقا لا حد له، ذلك أن القُصاص يحسون فى آخر الأمر أن العجائب التى رووها لم تعد تؤثر فى نفوس السامعين وأن الواجب يقتضيهم أن يزيدوها عجبا على عجيب. ومن الأشياء التى تدخل فى باب السحر الخالص الفكرة التى تردد من أن زواج سيف من زوجته الأولى شامة سوف يؤدى إلى هلاك الأحباش والزنوج، والمحاولة التى بذلت من ثم لمنع هذا الزواج من أن يتم بأية وسيلة. ولا سبيل إلى حصر الكنوز السحرية المذكورة فى سياق القصة، وهى كنوز تتيح لمن يصل إليها سلطانًا عجيبا على الأرواح ذات الصول والحول.

وثمة سحرة من ذوى الخطر هم العقبة الكبرى فى سبيل انتشار الإسلام. [حسبما تزعم القصة] صحيح أن سلطانهم مسلم به، إلا أنهم أضعف من نظرائهم فى الجانب الإسلامى، فإذا عجزوا تدخل الخضر معين المسلمين وقت الشدة، وتبنى قضية أولئك الذين يلوذون به وغلب على أولئك السحرة المقتدرين؛ وهنالك يسلمون ولكنهم لا يكفون عن نشاطهم، بل يضعون مهارتهم وعلمهم جميعًا فى خدمة الدين الجديد. والاعتقاد فى الأرواح له شأن متزايد الخطر فى السيرة، فنحن نجد فيها حشودًا لا تنتهى من الجن على اختلاف طبقاتهم يحاربون الإسلام يقاتلون فى سبيله، وهم أوثق صلة بالناس من أضرابهم الذين ذكروا بعد رسالة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كما أنهم يؤلفون فريقًا كبيرًا من أتباع سيف إن لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015