(زُمول) في جميع طرق المواصلات الرئيسية، ومن ثم أحاطت بالكتل الجبلية لبلاد القبائل مراكز مسؤولة عن ضمان مرور الجنود بلا عائق. ثم حاول الأتراك أخيرًا طمأنة بال الطرق الدينية، ولكنهم لم ينجحوا في هذا كل النجاح، ذلك أن الفتن التي نشبت في أوائل القرن التاسع عشر في ولاية وهران وفي بابور من أعمال بلاد القبائل كانت من فعل طائفة الدَرقاوة القوية يشجعها ويؤازرها أشراف فاس.
ولم يفكر الأتراك في تحسين أحوال البلاد التي فتحوها، ذلك أن مستقبل القطر الجزائرى لم يكن في نظرهم ماثلا في الأرض القائمة خلف الساحل؛ فقد كان الترك قد قدموا بالبحر، وظلوا ينظرون إلى البحر، وكانت القرصنة في البحر المتوسط تمدهم بمعظم دخلهم. وكان القرن السابع عشر هو العصر الذَّهبيُّ للقرصنة: لقد كان في مدينة الجزائر، حوالي سنة 1650، قرابة خمسة وثلاثين ألف أسير معتقلين في سجون المدينة. وقد بذلت أسبانيا عدةْ محاولات فاشلة للاستيلاء على مدينة الجزائر: (1541، 1567، 1775). على أن الفرنسيين والبريطانيين استطاعوا من بعد بمظاهراتهم العسكرية أن يكبحوا جماح الربابنة الجزائريين في قرصنتهم، فاضمحلت قوتهم، وأصبح ملاحوهم أقل جرأة. ولا يستحق الذكر من هؤلاء الرؤساء إلَّا حميدو قرصان القرن الثامن عشر الذي اشتهر بمغامراته التي تنم عن التهور. وبعد انتصاف هذا القرن افتقرت مدينة الجزائر وتقلص ما كان لها من شأن، وعانت تدهورًا في عدد سكانها عجل به القحط والطاعون. ولما وصل إليها سنة 1816، بعد مؤتمر فينا، اللورد إكسموث صلى الله عليه وسلمxmouth وأمير البحر الهولندى فإن دركابلن. Van der Ca pellen, ليرمياها بالقنابل بوصفهما ممثلين لأوربا، لم يكن في سجون المدينة إلَّا ألف ومائتا أسير فحسب. ونقص عدد سكان مدينة الجزائر عشية الغزو الفرنسى إلى 40.000 نفس فحسب، بعد أن كان قد بلغ في وقت من الأوقات 10.000 نفس. وصفوة القول أننا لا نعرف، حتَّى في الوقت الحاضر، إلَّا النزر اليسير من تاريخ بلاد الجزائر تحت حكم الأتراك،