عليه يؤدى في خلال السنة المالية التي كانت بدايتها تتفق وتاريخ تعيين البك، على عدة أقساط يدفعها البك أو نائبه هو ورسول. ويظهر البك بشخصه في مدينة الجزائر في غضون الرَّبيع التالي لتعيينه ثم يظهر بعد ذلك كل ثلاث سنوات. وكان نائبه يشخص إلى مدينة الجزائر مرتين في السنة، في الرَّبيع والصيف، وكان الرسول، الذي كانت وظيفته يؤديها عامل عرف في المحفوظات بمدينة الجزائر باسم "وكيل سباهيان" يشخص إلى قصبة البلاد بانتظام كل شهر أو كل شهرين أو ثلاثة أشهر. وكانت المبالغ التي يودعها في الخزانة كل عام تظل ثابتة، ولكن كل عامل كان يودع مبلغًا مختلفًا عن الآخر. والظاهر أن هذا التنظيم قد كان الغرض الوحيد من وضعه هو تمكين الداى من أن يمارس إشرافًا أدق ما يكون على ولاة الأقاليم؛ وإقصاؤهم عن مناصبهم لأية شبيهة من شبهات التقصير.
وهذا الانشغال الشديد بالمسائل المالية كان واضحًا من خلال التنظيم الداخلى لبلاد الجزائر تحت حكم الأتراك. وكانت كل الوكالات أو المناصب التي تقتضي فيما تقتضيه تحصيلًا لضرائب أو رسوم أو مكوس أو غرامات، تؤجر عن طريق الالتزام بمبالغ تدفع حسب الظروف على قسط سنوى أو أكثر. وقد أدى هذا النظام إلى ظهور حشد من المساوئ واستغلال النَّاس على نطاق جعل كل محاولة لاكتساب عطفهم مستحيلا. زد على ذلك أن سيادة الأتراك كانت نظرية أكثر منها عملية، كما كان مظهر "اليولداش" الأناضوليين في قواعد الترك ذات الحاميات بداخل البلاد (بجاية وبرج لهاو، وقسنطينة ومدية وهليانة ومزونة والمعسكر وتلمسان) مظهر الجنود المحاصرين، وقد اضطر الأتراك إلى إشعال المنافسات القبلية حفظًا لمكانتهم في البلاد، وكانت قبائل المخزن، إذا انتصرت لقضية الأتراك، لم تضمن الحصانات المالية المختلفة فحسب، بل ضمنت أيضًا حق اضطهاد القبائل الخاضعة (رعايا) واستئصال شأفة القبائل المنتقضة. وأقام الأتراك في الوقت نفسه مستعمرات عسكرية