سلطة الدايات الذين حكموا حتَّى استيلاء فرنسا على الجزائر. وكان هؤلاء الباشوات والأغوات والدايات الذين يستمرون في الحكم ثلاث سنوات أدوات في أكثر الأحوال في يد فرق الجيش (أوجاق) المجندة أساسًا من أهل بلدان الآناضول أو من طائفة الرؤساء، وهي نقابة من ربابنة القرصان ظلت تزود الخزانة الجزائرية بمعظم مواردها. وقد اغتيل الأغوات الأربعة الذين حكموا على التوالى من سنة 1659 إلى سنة 1671، ولقى الدايات الأربعة عشر- من الثمانية والعشرين دايًا- نفس المصير.
والتنظيم الداخلى لولاية الجزائر غامض. ذلك أن المعلومات الشحيحة الموثوق بها التي بين أيدينا حتَّى اليوم يتناول معظمها عصر الدايات. وكان الدايات، حين يسعون إلى البقاء في الحكم يحكمون حكم السلاطين المطلقى السلطان يعاونهم "ديوان" يتكون من الخازندار أو الخزنجى (أمين الخزانة) وأغا المعسكر (قائد العسكر) ووكيل الخرج (رئيس المصلحة البحرية) والبيت مالجى (أمين الضياع الشاغرة) وخوجة الخَول أو الأتخوجان (متسلم الجزية).
وإذا استثنينا إقليم الجزائر نفسه الذي هو "دار السلطان" وكان مقسمًا إلى سبعة" "أوطان" يديرها قواد تحت الإشراف المباشر للداى، فإن بلاد الجزائر كلها كانت مقسمة إلى ثلاث ولايات (بكلق) يدير كلا منهما بك، وكان ذلك يرهص بالولايات الفرنسية التي أتت من بعد. وكانت هذه الولايات هي: تيطَرى وقاعدتها مدية؛ والولاية الشرقية وقاعدتها قسنطينة، والولاية الغربية وكانت قاعدتها قسنطينة، والولاية الغربية وكانت قاعدتها مزونة، ثم المعسكر، ثم وهران بعد عام 1792. وكان البكوات، الذين يقيمهم الداى ويقيلهم، يحكمون ولاياتهم حكمًا مطلقًا، يساعدهم في ذلك قواد. وكان هؤلاء في نظر الحكومة المركزية يعدون جامعى دخل أو محصلى ضرائب تعاقدوا، بحكم أنَّهم في معظم الأحوال قد اشتروا مناصبهم، على أن يؤدوا لخزائن الدولة مبالغ كبيرة تحدد قيمتها في مدينة الجزائر. وكان المبلغ المتعاقد