الأحوال على الأيام في عهد المتأخرين من المرادية حتى استطاعت الجزائر أن تقوم بغزواتها عام 1685 - 1686 وعام 1694 وأخذت القبائل، ومنهم أولاد سعيد المرهوبى الجانب، في الانتقاض على الحكومة. وظلت الكاف في يد بنى شَنوّف أمدًا طويلا. وقلعة سنام في أيدى الحنانشة. وكان جبل وسلات موطن شغب عظيم، واجتاح البلاد وباء الطاعون مرات كثيرة فأهلك الناس.
ولما انتهى عهد إبراهيم الشريف (1702 - 1705 م) الذي أكثر فيه سفك الدماء، وقد اجتمعت له لأول مرة ألقاب الباى والداعى (الداى) والباشا وآغا الجند، نودى بالحسين بن علي تركى بايا على تونس في العاشر من يولية عام 1705 في غضون غزوة جزائرية جديدة، وهكذا قامت الدولة الحسينية التي ظلت تحكم البلاد إلى عهد قريب. وأعاد حسين السلام إلى الربوع وشيد كثير، من المبانى (مثال ذلك ما أنشأه في القيروان)، وحاول أن ينظم ولاية العرش لمصلحة ذريته مباشرة، فخلعه على باشا (1735 - 1756 م) يظاهره الجزائريون، ومن ثم نشأت مصاعب جديدة استفحل أمرها بفتنة يونس بن على عام 1752. ثم اعتلى محمد بن الحسين العرش آخر الأمر (1756 - 1759 م) بتدخل الجزائر أيضًا، وحكم على باى (1759 - 1782) ثم ابنه حمودة (1759 - 1782) ففعلا الكثير في سبيل رأب صدوع الدولة وإعادة الرخاء إلى بلاد تونس.
ونشطت التجارة الخارجية، مثلها في ذلك مثل الزراعة، واتسعت علاقات الباى مع الدول الأوربية، على الرغم من قضائه على الجاليات التجارية برأس الأسود وطبرقة عام 1741 وأبرمت معاهدات كثيرة كان يوقعها من قبل الولاية الباى نفسه، وكان ملكا بمعنى الكلمة. وعينت فرنسا آخر الأمر قنصلا عاما لها في تونس، على الرغم من محاربتها إياها عدة مرات. ونشبت الحرب بين تونس والبندقية واستمرت ثماني سنين (1784 - 1792). وأخضع على باى ثوار جبل وسلات عام 1762 وفرق شملهم ولكنه عجز عن التخلص من الجزائريين الذين ظلوا