فحصّن غار الملح وأسكن فيه جماعة من أهل الأندلس، ولكن سلطان الدعاة (الدايات) كان آخذا في الضعف، ولسنا في حاجة إلى ذكر الدعاة الأربعة والعشرين (خوجه ولاز وغيرهما) الذين حكموا من عام.1640 إلى عام 1702 لهوان شأنهم، ولأنهم أصبحوا ألعوبة في يد البايات الذين نجحوا آخر الأمر في القضاء عليهم.
وحكم الباى مراد من عام 1612 إلى عام 1631 وكان قورسيقيا يلقب بالياشا، وقد نزل في حياته لابنه محمد فخلق بذلك سابقة جعلت الحكم وراثيًا في بيته. ولقب حمودة (1631 - 1663 م) أيضًا بالياشا عام 1659 م، واعتمد في حكمه على كتيبة من الصبائحية (سباهى) وزعها بين تونس والقيروان والكاف وباجة، وأصبح سيد البلاد دون منازع. وهو رأس الفرع المرادى، وقوامه ابناه مراد ومحمد الحفصى وأحفاده محمد وعلى ورمضان، وكانت الفتن تهدد سلطانهم دائما، مثل فتنة محمد بن شُكر، وبلغت هذه الفتن غايتها بمقتل ابن حفيده مراد بو باله عام 1702.
وامتاز النصف الأول من القرن السابع عشر بعودة العلاقات التجارية بين تونس وأوروبة، وبخاصة بينها وبين مرسيليا وليفورنو Livorno وأكبر الفضل في ذلك راجع إلى تجار النصارى واليهود. ونافست انشركات المارسيلية المؤسسة في رأس الأسود Cape Negro أو بنزرت جنوبي طبرقة في تجارة المرجان، وكانت تربح من تصدير الجلود والحبوب. واتسعت علاقات الولاية بالخارج فشملت أممًا مثل بريطانيا العظمى والأراضى الواطئة، وكانت وحدات من الأساطيل الأوربية في النصف الثاني من هذا القرن تضرب الساحل بقنابلها وتطلب الإصلاح إلى جانب الحملات التي درج فرسان مالطة على القيام بها انتقامًا من فعال القراصنة فيما مضى.
وازدهرت البلاد في الداخل أول الأمر كما يستدل من إقامة المنشآت؛ العامة والمساجد في طول البلاد وعرضها (كالمدارس والمساجد في، تونس وباجة والقيروان بما في ذلك منشآت سيدى صاحب). ثم ساءت