ممن كان قبلكم فآواهم المبيت في غار فدخلوه. فانحدرت صخرة عن الجب وسدت عليهم باب الغار، فقالوا: والله لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا الدعاء بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما، فناما في ظل شجرة يوما فلم أبرح عنهما وجلب لهما غبوقهما فجئتهما به فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أغبق قبلهما، فقمت والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى ظهر الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت انفراجا لا يستطيعون الخروج منه:
ثم قال الآخر: كانت لي ابنة عم وكانت أحب الناس إلى فراودتها عن نفسها حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتنى وأعطيتها مالًا عظيما على أن تخلى بينى وبين نفسها فلما قدرت عليها قالت: لا يجوز لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من ذلك العمل وتركتها وتركت المال معها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجورهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجرته حتى كثرت منها الأموال فجاءنى بعد حين، وقال: يا عبد الله أد لي أجرتى، فقلت له: كل ما ترى من أجرتك من الإبل والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله أتهزأ بى؟ فقلت: إني لا أستهزئ بك فخذ ذلك كله، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانجفرجت الصخرة عن الغار فخرجوا يمشون. وهذا حديث حسن صحيح متفق عليه.
وقد نقلوا كرامات عن الصحابة كالذي روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه بعث جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية بن الحصين، فبينما عمر يوم الجمعة يخطب جعل يصيح في خطبته وهو على المنبر: "يا سارية، الجبل الجبل! ". قال علي بن أبي طالب