أما وقوع الكرامة فقد استدلوا عليه بقصة أصحاب الكهف وبقائهم في النوم أحياء سالمين مدة ثلثمائة سنة وتسع سنين، كما ورد في القرآن.
واستدلوا عليه بأخبار كثيرة، منها ما أخرج في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم - عليه السلام -، وصبى في زمن جريج الناسك، وصبى آخر. أما عيسى فقد عرفتموه، جريج فكان رجلا عابدا ببنى إسرائيل، وكانت له أم فكان يوما يصلى إذ اشتاقت إليه أمه فقالت: يا جريج، فقال: يا رب، الصلاة خير أم رؤيتها؟ ثم صلى، فدعته ثانيا فقال مثل ذلك على أمه، قالت: اللهم لا تمته حتى تريه المومسات، وكانت زانية هناك، فقالت لهم: أنا أفتن جريج حتى يزنى، فأتته فلم تقدر على شيء, وكان هناك راع يأوى بالليل إلى أصل صومعته، فلما أعياها راودت الراعى عن نفسه فأتاها فولدت ثم قالت: ولدى هذا من جريج، فأتاه بنو إسرائيل وكسروا صومعته وشتموه، فصلى ودعا ثم نخس الغلام، فقال أبو هريرة: كأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين قال بيده: يا غلام من أبوك؟ فقال: الراعى، فندم القوم على ما كان منهم وإعتذروا إليه وقالوا: نبنى صومعتك من ذهب أو فضة، فأبى عليهم، وبناها كما كانت.
وأما الصبي الآخر: فإن امرأة كان معها صبى لها ترضعه، إذ مر بها شاب جميل ذو شارة حسنة، فقالت: اللهم اجعل ابنى مثل هذا، فقال الصبي: اللهم لا تجعلنى مثله، ثم مرت بها امرأة ذكروا أنها سرقت وزنت وعوقبت فقالت: اللهم لا تجعل ابنى مثل هذه. فقال الصبي: اللهم اجعلنى مثلها فقالت له أمه في ذلك. فقال: إن الشاب كان جبارًا من الجبابرة فكرهت أن أكون مثله، وإن هذه قيل إنها زنت ولم تزن، وقيل إنها سرقت ولم تسرق وهي تقول: حسبى الله.
ومن هذه الأخبار خبر الغار، وهو مشهور في الصحاح عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق ثلاثة رهط