كرم الله وجهه: فكتبت تاريخ تلك الكلمة، فقدم رسول مقدم الجيش فقال: يا أمير المؤمنين غزونا يوم الجمعة في وقت الخطبة فهزمونا فإذا بإنسان يصيح: "يا سارية، الجبل الجبل! " فأسندنا ظهورنا إلى الجبل. فهزم الله الكفار وظفرنا بالغنائم العظيمة ببركة ذلك الصوت.
وقد روى أيضًا لجماعة من التابعين كرامات كثيرة، وكذلك لطبقات أخرى من بعدهم مثل مالك بن دينار ورابعة العدوية وسهل بن عبد الله الذي يروى عنه أنه كان يقول: من زهد في الدنيا أربعين يومًا صادقًا مخلصًا في ذلك تظهر له الكرامات من الله عزَّ وجلَّ، ومن لم لظهر له ذلك فلما عدم في زهده من الصدق والإخلاص.
قال صاحب اللمع: وسمعت أبا الحسن البصري رحمه الله يقول: كان بعبادان رجل أسود فقير يأوى الخرابات، فحملت معى شيئًا وطلبته فلما وقعت عينه عل تبسم، وأشار بيده إلى الأرض فرأيت -يعني الأرض كلها - ذهبًا يلمع، ثم قال لي: هات ما معك، فناولته ما كان معى وهربت منه فهالنى أمره.
وقال صاحب اللمع أيضًا: سمعت حمزة بن عبد الله العلوى يقول: دخلت على أبي الخير التيتانى وكنت قد اعتقدت في سرى فيما بينى وبين الله تعالى أن أسلم عليه وأخرج ولا أتناول عنده الطعام ثم دخلت وسلمت عليه وودعته وخرجت من عنده، فلما تباعدت من القرية فإذا به وقد حمل معه طعاما وقال لي: يا فتى، كل هذا فقد خرجت الساعة من اعتقادك.
قال ابن حزم في كتابه الفصل: وذهب أهل الحق إلى أنه لا يقلب أَحد عينا ولا يحيل طبيعة إلا الله عزَّ وجلَّ لأنبيائه فقط سواء تحدوا بذلك أو لم يتحدوا وكل ذلك آيات لهم عليهم الصلاة والسلام تحدوا بذلك أم لا، والتحدى لا معنى له وإنه لا يمكن وجود شيء من ذلك لصالح ولا لساحر ولا لأحد غير الأنبياء ...
وهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، برهان ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}.