الأولين من الحكم التركى، وتقدمت سريعًا الصناعات المتصلة بإنتاج الجلود وصياغة الذهب والمهن المتصلة بإنتاج المعدات الحربية ومستلزمات أهل المدن. وكانت صناعة التعدين العثمانية من الناحية الأخرى أقل تطورًا عما كانت عليه في البوسنة أو الصرب حيث كان المستوطنون السكسون قد أدخلوا أصولهم الفنية وقواعدهم في التعدين. ونظرًا لما أدخلته السلطات التركية من النظم الإدارية البيروقراطية في مناطق المناجم التي أدمجت في أملاك السلطنة (خاص) انتكست صناعة التعدين في القرن الأول من الحكم التركى وهبط الإنتاج تبعا لذلك، ثم هبط بنوع أخص في حصيلة المعادن الثمينة. وزاد إنتاج الحديد مع هذا زيادة ضئيلة. ولهذه الأسباب كان نمو المدن في البوسنة والهرسك أثناء الحكم التركى مقترنا (بصرف النظر عن الاعتبارات الحربية التي كانت أهم العوامل في تحديد مواقع المدن وبنائها) لا بتنمية صناعات التعدين، بل مقترنا أكثر من ذلك بتقدم الحرف والصناعات المتعلقة بها. وكانت المدن التي يقيمها الأتراك تقع كلها في المواقع التي تهيأ فيها جودة المواصلات. وعلى مدى النصف الثاني من القرن العاشر (الخامس عشر الميلادي) كان دخول الإسلام في مدن أسواق التعدين في البوسنة القديمة بطيئا وكان أقل تمهيدًا إلى تطورها مما كانت عليه الحال في المدن الجديدة التي بناها الأتراك على مواقع مدن أسواق سابقة. وهناك مثال جيد لذلك هو سراييفو وبنالوقة من بين مدن أخرى اتسعت وتطورت إلى مراكز للحرف ومحال للصناعات، لكونها كانت مراكزًا للسلطات التركية والحاميات الحربية. وعلاوة على الموظفين المدنيين من المسلمين والجنود استمر سكان أمثال هذه المدن في الازدياد بسبب هجرة المسلمين إليها من أماكن شتى حاملين معهم عادات وأساليب شرقية في الحياة. وفي بادئ الأمر كان تجار دُبروفنك هم الوحيدين أصحاب التجارة الواسعة.

وكان إنشاء أهم مدن البوسنة والهرسك من ابتكار ولاة أفراد، وفي داخل هذه المدن وحواليها قامت أملاك هؤلاء الولاة، ومصانعهم، ودورهم، وحماماتهم، ودكاكينهم التي كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015