ذلك قليلة العدد وتتكون من أملاك صغيرة. فالنظرية والحالة هذه لاتكاد تدعم ماذهب إليه تروهلكا من أن النبلاء البوسنويين بقوا محتفظين بأملاكهم وقت الفتح وأنهم نجحوا في الاحتفاظ بها حتى القرن الثالث عشر الهجرى (التاسع عشر الميلادي) والواقع أن عدد الجفتلكات استمر في الزيادة ولو أنها زيادة طفيفة، حتى بداية القرن العاشر الهجرى (نهاية القرن الخامس الميلادي) وهنالك ألغيت الجفتلكات التي من هذا القبيل آخر الأمر في عهد السلطان سليمان القانونى. ومع هذا فقد قدر لهذه الجفتلكات أن تكون قاعدة ونمطًا من الماضي للتطور المقبل في العلاقات الزراعية الخاصة بتقسيم الأراضي.
وكان أن أصبح نسل السباهية المسيحيين وأفراد الأسر التي أسلمت الذين ارتفعوابنصيبهم تحت الحكم التركى من السباهية والزعماء ودزدارية قلاع وأصحاب مناصب سامية. ويسّرت الأهمية المعطاة للبوسنة، باعتبارها من أرض الثغور، للمسلمين الارتفاع إلى مراتب النفوذ والسلطة، والحقيقة أنه بعد إيغال الجيوش التركية وغزو مناطق تحت حكم المجر، أمر الكثير جدًّا من السباهية أن يستوطنوا الأقاليم المفتوحة حديثًا، ولكن هذا لم يأت بنفس النتائج التي أتى بها في الصرب، حيث توقف دخول التاس في الإسلام منذ غزا الأتراك المجر. وكان إسلام الناس في البوسنة والهرسك قد تسبب في خلق قاعدة عريضة من المسلمين المجندين، لا من أهل المدن فحسب بل من الفلاحين أيضًا.
وبدأ قبل الفترة السابقة على الغزو التركى خلق الظروف الضرورية لتطوير جماعات المدن في البوسنة بأسباب التطور والنماء بعد أن توطد الحكم التركى. وكانت الصناعات التركية الدقيقة -وبخاصة الصناعات اليدوية التي يمتاز بها الشرق الأدنى- أرقى من مثيلاتها في البوسنة في فترات سابقة. وحصل بذلك تطور سريع في الصناعات اليدوية والحرف ذات الطابع الشرقي أثناء القرنين