كروات. وكانت كل من بلغراد وزغرب، حتى الحرب العالمية الثانية، تدعى القرابة الوطنية بمسلمى البوسنة، الأمر الذي ترتب عليه أن فريقًا من المسلمين -معظمهم من مستنيرى أهل الحضر- قد جاهروا بأنهم صرب أو كروات.

وبقيت الأغلبية العظمى من مسلمي البوسنة والهرسك مع ذلك غير متأثرين، وامتنعوا عن الاعتراف بأنفسهم صربًا أو كرواتًا، واحترمت يوغوسلافيا الحديثة آراءهم الشخصية وشعورهم في مسألة الجنسية كل الاحترام، واصبح المسلمون المتكلمون باللغة الصربية الكرواتية تبعًا لذلك أحرارًا في قيد أنفسهم صربًا أو كرواتًا أو عدم توضيح جنسياتهم. ومن بين الأسباب الأخرى نجد أن وجود أعداد كبيرة من المسلمين المتكلمين باللغة الصربية الكرواتية الذين لم يبت في أمر جنسيتهم، قد اقتضى أن يكون للبوسنة والهرسك جمهورية شعبية قائمة بذاتها في يوغوسلافيا الجديدة.

ولم تتسبب القرون الأربعة من الحكم التركى (807 هـ / 1403 م- 1295 هـ / 1878 م) في إسلام جانب كبير من السكان فحسب، بل تركت طابعها أيضًا على القطر بأكمله. واللغة الصربية الكرواتية في البوسنة والهرسك يتكلم بها المسلمون وسائر السكان على حد سواء. وتأصلت تبعًا لذلك عناصر ثقافية شرقية في أنماط الحياة وطرقها، لا بين المسلمين وحدهم بل بين سكان البوسنة والهرسك جميعًا أيضًا.

وأبطأت القرون من الحكم التركى التي مرت بالبلاد من نمو مجتمع الطبقة الوسطى في البوسنة والهرسك، على أن السياسة الإقتصادية التي اتبعتها النمسا والمجر في البوسنة والهرسك قد أثبتت عجزها في تطوير واستغلال إمكانيات الإنتاج من مصادر هذا القطر. فبقيت البوسنة والهرسك، نتيجة لذلك، قطرًا متخلفًا من عدة وجوه. ولم يطرأ على هذا التخلف الموروث أي تحسن كبير نظرًا للظروف غير المواتية في يوغوسلافيا ما قبل الحرب وسياستها الإقتصادية ولم يحدث- إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وقيام نظام الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015