فى إشبيلية. وبعد أن تخلص إبراهيم ابن حجاج من كُرَيب منافسه، عقد محالفة مع ابن حفصون قائد الثورة فى الجنوب الشرقى، واستطاع عبد الله أن يخضع ابن حفصون، ولكنه اضطر إلى منحه امتيازات عديدة حتى أنه أصبح فى الواقع مستقلا بحكم إشبيلية. وفى هذا العصر زاد نفوذ الأشراف -وهم حكام إقطاعيون كانوا يتبعون أمير قرطبة من الوجهة النظرية- فساعد ذلك على إضعاف سلطانه. وكان أهم هؤلاء الأشراف صاحب سرقسطة وإقليش ووشقة وأكسونبة Ocsonoba فى الجنوب الغربى.

اما ابن حفصون فإنه بعد أن أظهر شيئاً من الخضوع فى أول حكم عبد الله عاد إلى مناوأة الحكومة، وساعده مسيحيو قرطبة ورئيسهم الكونت سرفاندو، فامتد سلطانه إلى الجنوب حتى أصبحت العاصمة نفسها مهددة بالخطر، ولم يكن بد من الركون إلى العمل الحازم. وفى عام 278 هـ (891 م) زحف الأمير عبد الله على حصن بولي poly جنوبى قرطبة - واسمه الآن أكَولار صلى الله عليه وسلمgwlar - وكان ابن حفصون قد اتخذه مقرًا له، وأرغم هذا الثائر على الالتجاء إلى قلعة بباشتر، وكان هذا النجاح سببًا فى تقوية سلطان الأمير، وساعده على إخضاع كورات إستجه وأرشذونة وإلبيرة وجيَّان مدة قصيرة.

وظل الأمير إلى آخر حكمه ينشر السلام فى بلاده ويصل فى ذلك إلى نتائج مختلفة، ولكن همته لم تفتر، ولم يدع خصومه الثائرين يهدأ لهم بال، ونجح بالتدريج فى توطيد سلطانه، وفصم عروة خصوم بنى أمية.

لما مات فى صفر عام 300 هـ (912 م) كان الموقف أكثر استقرارًا من ذى قبل. فقد مهد السبيل إلى نشر السلام فى ربوع الأندلس، وكان من أنشط العاملين على ذلك. وجاء حفيده فأكمل فى الجزء الأول من حكمه ما بدأه عبد الله.

(2) خلافة الأمويين فى الأندلس

لما تولى عبد الرحمن الثالث بن محمد الأمر بعد جده عبد الله، كان فى الثالثة والعشرين من عمره. ورغم أنه كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015