أريد الأسماء، والأسماء هى الألفاظ الموضوعة الدالة على المعانى المختلفة.

وثمة مسألة أثارها صاحب المقال، وهى ذلك الترادف الذى أشار إليه بين بعض الأسماء الحسنى. ونحن نورد هنا ما رد به الغزالى، قال:

وهذا مما أستبعده غاية الاستبعاد مهما كان الاسمان من جملة التسعة والتسعين، لأن الاسم لا يراد لحروفه بل لمعانيه، والأسامى المترادفة لا تختلف إلا حروفها، وإنما فضيلة هذه الأسامى لما تحتها من المعانى، فإذا خلت عن المعانى لم يبق إلا الألفاظ. والمعنى إذ دل عليه بألف اسم لم يكن له فضل على المعنى الذى يدل عليه باسم واحد، فبعيد أن يكمل هذا العدد المحصور بتكرير الألفاظ على معنى واحد، بل الأشبه أن يكون تحت كل لفظ خصوص معنى، فإذا رأينا لفظين متقاربين فلابد فيه من أحد أمرين.

أحدهما: ألا يبين أن أحدهما خارج عن التسعة والتسعين، مثل الأحد والواحد، فإن الرواية المشهورة عن أبى هريرة ورد فيها الواحد، وفى رواية أخرى ورد فيها الأحد بدل الواحد، فيكون مكمل العدد معنى التوحيد، إما بلفظ الواحد أو بلفظ الأحد، فأما أن يقوما فى تكميل العدد مقام اسمين والمعنى واحد، فهو بعيد جداً.

الثانى: أن نتكلف إظهار مزية لأحد اللفظين على الآخر ببيان اشتماله على دلالة لا يدل عليه الآخر، مثاله لو ورد الغافر والغفور والغفار، لم يكن بعيداً أن تعد هذه ثلاثة أسام، لأن الغافر يدل على أصل المغفرة فقط، والغفور يدل على كثرة المغفرة بالإضافة إلى كثرة الذنوب، حتى إن من لا يغفر إلا نوعاً واحداً من الذنوب فلا يقال له الغفور، والغفار يشير إلى كثرة غفران الذنوب على سبيل التكرار، أى يغفر الذنوب مرة بعد أخرى، حتى إن من يغفر الذنوب جميعاً ولكن أول مرة، ولا يغفر العائد إلى الذنب مرة بعد أخرى لم يستحق اسم الغفار.

ثم قال: وهذا القدر من التفاوت يخرج الأسامى من أن تكون مترادفة وتكون من جنس السيف والمهند والصارم، لا من جنس الليث والأسد. فإن عجزنا فى بعض هذه الأسامى المتقاربة عن هذين المسلكين فينبغى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015