فنقول: إن المستدل بهذا لا يفهم وجه دلالته ما لم يقل إنهم كانوا يعبدون المسميات دون الأسماء فيكون فى كلامه التصريح بأن الأسماء غير المسميات، إذا لو قال قائل: العرب كانت تعبد المسميات دون المسميات لكان متناقضاً، ولو قال: نعبد المسميات دون الأسماء كان غير متناقض، فلو كانت الأسماء هى المسميات لكن القول الأخير كالأول.

ثم يقال أيضاً: إن اسم الآلهة التى أطلقوها على الأصنام كان اسما بلا مسمى؛ لأن المسمى هو المعنى الثابت فى الأعيان من حيث دل عليه اللفظ، ولم تكن للأصنام آلهة ثابتة فى الأعيان ولا معلومة فى الأذهان، بل كانت أساميها موجودة فى اللسان فكانت أسماء بلا معان، ومن سمى باسم الحكيم ولم يكن حكيما وفرح به قيل: فرح بالاسم، إذ ليس وراء الاسم معنى، وهذا هو الدليل على أن الاسم غير المسمى، لأنه أضاف الاسم إلى التسمية وأضاف التسمية إليهم فجعلها فعلا لهم، فقال (أسماء سميتموها) يعنى أسماء حصلت بتسميتهم وفعلهم وأشخاص الأصنام لم تكن هى الحادثة بتسميتهم.

فإن قيل: فقد قال تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} والذات هى المسبحة دون الاسم؛ قلنا. الاسم ها هنا زيادة على سبيل الصفة.

وقد استدل القائلون بأن الاسم غير المسمى بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: إن لله سبحانه تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة، قالوا: لو كان الاسم هو المسمى لكان مسمى تسعاً وتسعين، وهو محال، لأن المسمى واحد.

وقد يقولون: إن المراد بالاسم هنا التسمية، وهو بعيد أيضاً، إذ أن التسمية ذكر الاسم أو وصفه، ثم إن التسمية تتعدد وتكثر بكثرة المتسمين، وإن كان الاسم واحداً، كما أن الذكر والعلم يكثر بكثرة الذاكرين والعالمين، وإن كان المذكور والمعلوم واحداً، فكثرة التسمية لا تفتقر إلى كثرة الأسماء، لأن ذلك يرجع إلى أفعال المسمين، فما أريد بالأسماء ها هنا التسميات، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015