نعتقد تفاوتاً بين معنى اللفظين. فإن عجزنا عن التنصيص على خصوص ما به الافتراق كالعظيم والكبير مثلا فإنه يصعب علينا أن نذكر وجه الفرق بين معنييهما فى حق الله تعالى، ولكنا مع ذلك لا نشك فى أصل الافتراق، ولذلك قال تعالى: الكبرياء ردائى، والعظمة إزارى. فرق بينهما فرقاً يدل على التفاوت، وإن كان كل واحد من الرداء والإزار زينة للإنسان، ولكن الرداء أشرف من الإزار. وكذلك العرب فى استعمالها تفرق بين اللفظين، إذ يستعمل الكبير حيث لا يستعمل العظيم، ولو كانا مترادفين لتواردا فى كل مقام، تقول العرب: فلان أكبر سناً من فلان، ولا تقول: أعظم سناً.

فهذه الأسامى، وإن كانت متقاربة المعانى فليست مترادفة. وعلى الجملة يبعد الترادف المحض فى الأسماء الداخلة فى التسعة والتسعين، لأن الأسماء لا تراد لحروفها ومخارج أصواتها، بل لمفهوماتها ومعانيها.

وكذا أشار صاحب المقال إلى المعانى المختلفة التى يحتملها الاسم الواحد، ونحن نسوق هنا رأى الغزالى فى ذلك، قال: الاسم الواحد الذى له معان مختلفة، وهو مشترك بالإضافة إليها، كالمؤمن مثلا، فإنه قد يراد به التصديق، وقد يشتق من الأمن، ويكون المراد إفادة الأمن والأمان، فهل يجوز أن يحمل على كلا المعنيين حمل العموم على مسمياته، كما يحمل العليم على العلم بالغيب والشهادة والظاهر والباطن وغير ذلك من المعلومات الكثيرة؟

وهذا إذا نظر إليه من حيث اللغة فبعيد أن يحمل الاسم المشترك على جميع المسميات حمل العموم إذ العرب تطلق اسم الرجل وتريد به كل واحد من الرجال، وهذا هو العموم، ولا تطلق اسم العين وتريد به عين الشمس والدينار وعين الميزان والعين المتفجرة من الماء والعين الباصرة من الحيوان، وهذا هو اللفظ المشترك. بل تطلق مثل ذلك لإرادة أحد معانيه، وتميز ذلك بالقرينة.

إلى أن قال: ولا نذكر لكل اسم إلا معنى واحداً نراه أقرب ونضرب عما عداه صفحا إلا إذا تصرف الشرع فيه من الألفاظ، فلا يبعد أن يكون من وضعه وتصرفاته إطلاق اللفظ لإرادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015