فيدخل فيه كما يدخل السيف فى مفهوم الصارم. وهذا إن قيل به فيلزم عليه أن يكون التسمية والمسمَّى والاسم كله واحداً، لأن الكل مشتق من الاسم ويدل عليه. وهذا مجازفة من الكلام، إذ الاسم دلالة، وله مدلول هو المسمى، ووضعه فعل فاعل مختار، وهو التسمية، ثم إن المسمى ليس اسما بصفة، ولا التسمية اسما بصفة، فيصح هذا التأويل.

فالاسم والتسمية والمسمى ألفاظ متباينة المفهوم مختلفة المقصود، يصح على الواحد منها أن يقال له: هو غير الثانى لا أنه هو، لأن الغير فى مقابلة: الهو هو.

والمذهب القائل بتقسيم الاسم إلى ما هو المسمى، وإلى ما هو غيره، وإلى ما هو هو ولا هو غيره، فأبعد المذاهب عن السداد، إلا أن يراد به مفهوم الاسم، فيقال: مفهوم الاسم قد يكون ذات المسمى وحقيقته وماهيته، وهى أسماء الأنواع التى ليست مشتقة، كقولك: إنسان وعلم وبياض، وما هو مشتق فلا يدل على حقيقة المسمى بل يترك الحقيقة مبهمة ويدل على صفة له، كقولك: عالم وكاتب.

وقد يقال: إنما اضطر القائلون إلى القول بأن الاسم هو المسمى حذرا من القول بأن الاسم هو اللفظ الدال بالاصطلاح فيلزمهم القول بأن الله تعالى لم يكن له اسم فى الأزل إذ لم يكن لفظ ولا لافظ، فإن اللفظ حادث. ولقد فاتهم أن معانى الأسماء كانت ثابتة فى الأزل ولم تكن الأسماء؛ لأن الأسماء عربية وعجمية حادثة. وقد سبقت الإشارة إلى أن الأشياء لها ثلاث مراتب فى الوجود أحدها فى الأعيان، وهذا الوجود الموصوف بالقدم فيما يتعلق بذات الله تعالى وصفاته، والثانى فى الأذهان وهذا الوجود حادث إذ كانت الأذهان حادثة، والثالث فى اللسان وهى الأسماء، وهذا الوجود أيضاً حادث بحدوث اللسان.

وقد يقال: فقد قال تعالى {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} ومعلوم أنهم ما كانوا يعبدون الألفاظ التى هى حروف مقطعة، بل كانوا يعبدون المسميات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015