والمراد بالاسم هنا الذى فى اللسان دون الذى فى الأعيان والأذهان. وإذا عرفت أن الاسم إنما يعنى به اللفظ الموضوع للدلالة، فاعلم أن كل موضوع للدلالة فله واضع ووضع وموضوع له. ويقال للموضوع له: المسمى، وهو المدلول عليه، من حيث إنه يدل عليه، ويقال للواضع: المسمى؛ ويقال للوضع: التسمية. وقد يطلق لفظ التسمية على ذكر الاسم الموضوع، كالذى ينادى شخصاً يقول: يا زيد، فيقال: سماه، وإن قال: أبا بكر، يقال: كنّاه.

وكان لفظ التسمية مشتركاً بين وضع الاسم وبين ذكر الاسم، وإن كان الأشبه أنه أحق بالوضع منه بالذكر.

ويجرى الاسم والتسمية والمسمى مجرى الحركة والتحريك والمتحرك والمحرك. وهذه أربعة أسام متباينة تدل على معان مختلفة، فالحركة تدل على النقلة من مكان إلى مكان، والتحريك يدل على إيجاد هذه الحركة، والمحرك يدل على فاعل الحركة، والتحرك يدل على الشئ الذى فيه الحركة، مع كونه صادراً من فاعل كالمتحرك الذى لا يدل إلا على المحل الذى فيه الحركة ولا يدل على الفاعل.

ثم قال: ومن ظن أن الاسم هو المسمى، على قياس الأسماء المترادفة، كما يقال: الخمر هى العقار، فقد أخطأ، لأن مفهوم المسمى غير مفهوم الاسم، إذ الاسم لفظ دال والمسمى مدلول، وقد يكون غير لفظ، ولأن الاسم عجمى وتركى وعربى، أى موضوع العجم والترك والعرب، والمسمى قد لا يكون كذلك. والاسم إذا سئل عنه قيل: ما هو؟ والمسمى إذا سئل عنه قيل: من هو؟ وإذا سمى الجميل باسم قبيح، قيل اسم قبيح ومسمى حسن، وإذا سمى باسم كثير الحروف ثقيل المخارج، قيل اسم ثقيل ومسمى خفيف. والاسم قد يكون مجازاً والمسمى لا يكون مجازاً. والاسم قد يتبدل على سبيل التفاؤل والمسمى لا يتبدل، فهذا كله يعرفك أن الاسم غير المسمى.

وقد يقال: إن الاسم هو المسمى، على معنى أن المسمى مشتق من الاسم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015