الذى ظل على الدوام مجهولًا عند العلماء الرحالة المسلمين على السواء ومع ذلك فثمة حقيقة غريبة وهى أن المعلومات حول هذا الموضوع والتى نجدها تتكرر فى المصادر الإسلامية بدءا مما كتبه الخوارزمى فصاعدا (215 هـ/ 850 م) تعطينا فكرة عن منشأ النيل لا تتطابق تماما مع المعطيات التى تغطيها المصادر الكلاسيكية إذ يعد هذا التصور أن النيل يخرج من جبال القمر إلى الجنوب من خط الاستواء. ومن هذا الجبل تخرح عشرة أنهار تصل إلى بحيرتين تقعان على خط العرض نفسه ويخرج من كل بحيرة نهر أو أكثر يتدفق إلى الشمال حيث يصب فى بحيرة ثالثة ومن هذه البحيرة الثالثة يبدأ نيل مصر -وهذا التصور يتطابق جزء منه مع وصف بطليموس لمنابع النيل. ولا يزال ما وضعه الخوارزمى هو القاعدة الجغرافية، كما اقتبس الخوارزمى من بطليموس رافدا غربيا للنيل، يأتى من بحيرة على خط الاستواء، وقد يكون هذا النهر هو عطبرة، وفى فترة متأخرة يظهر ولأول مرة القول بأن هناك نهرا يرتبط بنظام النيل، يتدفق إلى الشرق ويصب فى المحيط الهندى كما جاء فى مروج الذهب للمسعودى وقد تبنى هذا الرأى مرة أخرى ابن سعيد والدمشقى.

وثمة منهج آخر حول نشأة النيل ومنبعه يرتبط بالروايات اليهودية والمسيحية التى تجعل النيل يأتى من الجنة. وقد كانت نظرية العصور الوسطى فيما يتعلق بوصف الكون تضع الجنة فى أقصى الشرق، وعلى الجانب الآخر من البحر، حتى ليضطر النيل -مدر الأنهار الأخرى فى الجنة- إلى أن يجتاز البحر. وقد جرى وصف ذلك فى رواية قديمة -ربما كانت ذات أصل يهودى- عن رجل ذهب يبحث عن منابع النيل وكان عليه أن يعبر البحر ثم وصل بعد ذلك إلى الفردوس وقد سخر البيرونى من هذه الأقوال. ولنفس الأصل يمكن أن نرجع فكرة نجدها كثيرا فى المصادر الإسلامية وهى أن النيل عندما يرتفع، تنخفض مستويات الأنهار جميعا.

هناك مجموعة من التصورات الجغرافية تربط الجزء الغربى من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015