عند اللسان البرى حيث يفترق الفرعان الرئيسيان فكانت تقع مدينة "شطناف" ويمضى الفرع الغربى -كما هو الآن- إلى مدينة رشيد ليصل بعدها إلى البحر كما يتفرع هذا الفرع بالقرب من مدينة "شابور" فيتجه إلى الإسكندرية وينتهى فى بحيرة مريوط وكانت هذه القناة تمتلئ بالمياه فى وقت الفيضان فقط أما الفرع الشرقى فيمضى -كما هو الآن- تجاه دمياط ويصل إلى البحر بعدها بمسافة قصيرة، وكانت له تفريعات عديدة تفضى إلى بحيرة تنّيس وكانت لأفرع النيل دائما أثرها الحاسم فى التقسيم الادارى للدلتا، التى تطلق عليها المصادر أسفل الأرض أو "أسفل أرض مصر" وكان يطلق على المنطقة الواقعة شرقى الفرع الشرقى اسم "الحوف" أما المنطقة التى تقع بين الفرعين فتعرف (بالريف) (وكانت تطلق أحيانا على الدلتا بأكملها) أو بطن الريف، أما التى تقع إلى الغرب من الفرع الغربى فكان يطلق عليها البحيرة وبعد ذلك "الحوف الغربى" وحينئذ كان يطلق على الحوف الأصلى اسم الحوف الشرقى -وهذه التقسيمات تنقسم بدورها إلى قرى تتقرر حدودها بأهم الفروع، وكانت الوحدات الإدارية الأكبر تعتمد بعد ذلك أيضا على النهر. والوجه الجغرافى الحالى للدلتا إنما هو نتيجة لأعمال الرى الجديدة التى بدأت فى القرن التاسع عشر فى عهد محمد على، وأبرز هذه القنوات المحمودية قناة المحمودية التى شقت من فوّه على الفرع الغربى إلى الاسكندرية، ثم قنوات التوفيقية والمنوفية والبحيرة التى تمت فى عام 1890 م، ثم قناة الإسماعيلية التى تربط النيل بقناة السويس.
وفيما يتعلق بمجرى النيل جنوبى مصر، فإن الكتابات الجغرافية للمسلمين عنه تبدأ متأخرة إلى حد ما لتقدم المعرفة التى تقوم على الملاحظة المباشرة. ولكن هذه المصادر اقتنعت فى أول الأمر بأن النيل يأتى من بلاد النوبة. . أما بالنسبة لبقية النيل فكانت هناك مصادر قديمة من نوع مختلف ساعدت على اكتمال التصور الجغرافى لمجرى النيل العظيم. وقد تضمن هذا التصور منشأ النيل أيضا هذا المنشأ