أفريقيا بالشبكة النهرية للنيل. وقد تصور هيرودت منشأ للنيل فى الغرب، وأخذ "يلينى" عن ليبيكا الذى جعل النيل ينبع فى موريتانيا الغربية. وقد شرح "ماركارت" وجهة النظر هذه بتحريف اسم نهر "توهول" الذى يقترن بوادى "تول" والذى ينشأ فى جبال أطلس الموريتانية ونجد بعض هذه المعلومات عند "ابن الفقيه" الذى يحدد منشأ النيل فى السوس الأقصى -ولأول مرة يقرن البكرى هذا النيل الغربى بنهر النيجر. ويضيف البكرى أن النيل يمر فى أرض السودان، ثم يذكر عددا من قبائل "البربر" و"سودان " ومدنهم التى تتاخم النهر. أما الإدريسى فيقول إن هذا النيل الغربى يخرج من ثالث بحيرات النيل الكبيرة (والتى ذكرناها قبلا) وهكذا يربط نيل السودان بنيل مصر فى نظام نهرى واحد. ويطلق الدمشقى وابن سعيد على هذه البحيرة الثالثة اسم بحيرة "كورا" التى يخرج منها ثلاثة أنهار هى نيل السودان ونيل مصر، ونهر ثالث يجرى إلى الشرق تجاه "مقديشو" فى بلاد الزنج على المحيط الهندى وهذا النهر الأخير -الذى يقول المسعودى إنه متصل بالنيل- ربما يتشابه مع نهر "وينى" فى الصومال.
وقد كانت أقصى نقطة إلى الجنوب وصل إليها الفاتحون العرب هى دنقلة كما يقول الكندى وكان معروفا تماما أن هذه المدينة تقع على النيل. أما المسعودى فيقول أن النيل يقسم بلاد النوبة إلى قسمين ويضيف ابن حوقل مكانين توجد فيهما الجنادل أحدهما أعلى أسوان ويعرف بالشلال الأول والآخر بالقرب من دنقلة -وقد حدث فى الوقت نفسه تقريبًا أن كتب رحالة يدعى "ابن سُلَيْم الاسوانى" وصفا ذا قيمة كبيرة للمجرى الأوسط للنيل وكان القائد الفاطمى جوهر قد بعث ابن سليم إلى ملك النوبة فى مهمة دبلوماسية وهو مؤلف كتاب أخبار النوبة وألموقرّا وعَلْوا والبوجا والنيل، وقد وصف ابن سليم هذه البلاد وصفا مفصلا وهو يقول إن المنطقة بين أسوان ودنقلة يسكنها فى الشمال الماريون Maris وإلى الجنوب قبائل مقرا، أما الجزء الشمالى فأرض قاحلة، كما يصف الجنادل وصفا