بِالْأَقْوَى الَّذِي يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَاسْتَوَى مَعَ ذَلِكَ ذِكْرُ الْفَرْعَيْنِ الْمَنْصُوصَيْنِ فَلِهَذَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ ذِكْرِ الْأَحْرَوِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَسَائِلَ الْفِطْرِ لِلْمُسَافِرِ خَمْسُ مَسَائِلَ، الْأُولَى: إذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَمْ يُسَافِرْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّتَ الصِّيَامَ فَإِذَا بَيَّتَ الْإِفْطَارَ فَصَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.

الثَّانِيَةُ: إذَا بَيَّتَ الصِّيَامَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِفْطَارُ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: لَا يُفْطِرُ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ ذَلِكَ فِي الْعَامِدِ أَوْ الْمُتَأَوِّلِ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى الْأَرْبَعَةَ الْأَقْوَالَ الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمُتَأَوِّلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَكَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سُقُوطَ الْكَفَّارَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْعَامِدَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِطَرِيقِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ طَرِيقَ ابْنِ رُشْدٍ.

الثَّالِثَةُ: إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْإِفْطَارُ أَمْ لَا؟ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِفْطَارُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ: يُكْرَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ حَكَاهَا الْبَاجِيُّ وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكُوا فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الرَّابِعَةُ: إذَا بَيَّتَ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ أَمْ لَا؟ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ مُبَيِّنٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ تَأَوَّلَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي مِثْلُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ وَلِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ وَبَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ أَنَّ طُرُوُّ السَّفَرِ عُذْرٌ مُبِيحٌ طَرَأَ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الَّذِي بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مُبِيحٌ وَأَنَّ الْمَخْزُومِيَّ عَكَسَ ذَلِكَ فَقَالَ بِالْكَفَّارَةِ مَعَ الْعَمْدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ دُونَ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ حُرْمَةَ الصَّوْمِ فِي حَقِّ مَنْ أَنْشَأَهُ فِي الْحَضَرِ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَ الْإِنْشَاءِ إلَّا الصَّوْمُ بِخِلَافِ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْفِطْرِ حِينَ أَنْشَأَ الصَّوْمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْخَامِسَةُ: مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَضَرَ فَأَفْطَرَ بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ)

ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ: إذَا كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّ بِهِ وَيَزِيدُهُ ضَعْفًا أَفْطَرَ وَيُقْبَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015