قَوْلُ الطَّبِيبِ الْمَأْمُونِ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ وَيُفْطِرُ الزَّمِنُ إذَا أَضَرَّ بِهِ الصَّوْمُ وَكَذَا كُلُّ صَوْمٍ مُضِرٍّ يُبِيحُ الْفِطْرَ الْبُرْزُلِيُّ هِيَ تَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ فَلَا خِلَافَ إذَا خَافَ الْمَوْتَ وَاخْتُلِفَ إذَا خَافَ مَا دُونَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِبَاحَةُ وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إلَى أَنَّ مُطْلَقَ الْمَرَضِ وَلَوْ قَلَّ يُبِيحُ الْفِطْرَ اُنْظُرْهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ فِي مَرِيضٍ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ لَقَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ الصَّلَاةَ قَائِمًا لَقَدَرَ إلَّا أَنَّهُ بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فَلْيُفْطِرْ وَيُصَلِّي جَالِسًا وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْت رَبِيعَةَ أَفْطَرَ فِي مَرَضٍ لَوْ كَانَ غَيْرُهُ لَقُلْت يَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ إنَّمَا ذَلِكَ بِقَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْمَرِيضَ إذَا خَافَ إنْ صَامَ يَوْمًا أَحْدَثَ عَلَيْهِ زِيَادَةً فِي عِلَّتِهِ أَوْ ضَرَرًا فِي بَصَرِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعْضَائِهِ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ
ص (وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ)
ش: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ رَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِطْرُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ قَضَائِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ إذَا أَفْطَرَهُ كُلَّهُ بِالْعَدَدِ أَيْ يَحْسُبُ عَدَدَ شَهْرِ رَمَضَانَ الَّذِي أَفْطَرَهُ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ فِي الْقَضَاءِ بِالْهِلَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] . وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ إنْ صَامَ بِالْهِلَالِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الشَّهْرَ سَوَاءٌ وَافَقَتْ أَيَّامُهُ عَدَدَ رَمَضَانَ الَّذِي أَفْطَرَهُ أَوْ كَانَ عَدَدُ الْقَضَاءِ أَنْقَصَ وَيَجِبُ تَكْمِيلُهُ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ شَهْرِ الْقَضَاءِ أَكْثَرَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ رَمَضَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَصَامَ شَهْرًا فَكَانَ ثَلَاثِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَكْسِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ كَذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بِالِاحْتِيَاطِ وَالنَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، انْتَهَى.
((قُلْتُ)) الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَوَّلًا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ إكْمَالُ الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ إذَا كَانَ رَمَضَانُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي وُجُوبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَضَى شَهْرًا لِلْهِلَالِ عَنْ آخَرَ فَفِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ عَدَدَ الْأَوَّلِ أَوْ كُلَّ الثَّانِي يُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَيُكَمِّلُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ قَوْلَانِ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّيْخِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ مَعَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ قَائِلًا هَذَا وَهْمٌ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَيْدِ إكْمَالِهِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ دُونَ إجْزَائِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ لَا أَعْرِفُهُ (تَنْبِيهٌ) وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءُ رَمَضَانَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَى شَعْبَانَ وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ وَقِيلَ: يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ.
نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي لِبَقَاءِ قَدْرِهِ قَبْلَ تَالِيهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ رَمَضَانَ قَدْرَ زَمَانِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَبْقَى قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ شَعْبَانَ مُطْلَقًا وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي حِكَايَتِهِ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِ عَائِشَةَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا فِي شَعْبَانَ لِلشُّغْلِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لِلدَّاوُدِيِّ فِي إيجَابِهِ مِنْ ثَانِي شَوَّالٍ وَأَنَّهُ آثِمٌ مَتَى لَمْ يُتِمَّهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ فَوَقْتُهُ مُوَسَّعٌ مُقَيَّدٌ بِبَقِيَّةِ السَّنَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ لَكِنَّ الِاسْتِحْبَابَ الْمُبَادَرَةُ، انْتَهَى.
ص (بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ