انْتَهَى.

ص: (وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلَا تَأْوِيلَانِ) ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: اخْتُلِفَ فِي الَّذِي يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ مُكْرَهَةً حَتَّى يَنْزِلَا. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَمْدِيسٌ: وَيُكَفِّرُ عَنْهَا، وَكُلُّ أَوَّلِ الْمُدَوَّنَةِ: عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَرَجَّحَ مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الِانْتِهَاكَ مِنَ الرِّجَالِ خَاصَّةً، انْتَهَى.

ص: (وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ لِيُجَامِعَ قَوْلَانِ) ش: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَقْرَبُ السُّقُوطُ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ، وَالْمُكْرَهُ مُبَاشِرٌ.

وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَلَكِنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ -.

(تَنْبِيهٌ) : وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِهَا عَنِ الْمُكْرَهِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.

قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَاخْتُلِفَ فِي الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْوَطْءِ. فَقِيلَ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَكْثَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا: إِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَالْخِلَافُ فِي حَدِّهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى إِيجَابِ الْحَدِّ، انْتَهَى مِنْ شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَلَا كَفَّارَةَ فِي الْإِكْرَاهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْوَطْءِ قَوْلَانِ لَهَا، وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ.

عِيَاضٌ: وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ: وَتَبِعَ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَقْلِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُكْرَهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَنَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وُجُوبَهَا عَلَى مَكْرِهِ رَجُلٍ عَلَى وَطْءٍ، لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي النَّائِمِ، وَقَوْلِ اللَّخْمِيِّ انْتِهَاكُ صَوْمِ غَيْرِهِ كَنَفْسِهِ، انْتَهَى.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُكْرِهُ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُكْرَهِ، فَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ مُكْرِهٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنَّفِ: وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرَهِ رَجُلٍ - بِفَتْحِ الرَّاءِ يَعْنِي الَّذِي أَكْرَهَهُ رَجُلٌ - عَلَى الْوَطْءِ. وَفِيهِ تَكَلُّفٌ جَدًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا تَجِبِ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَكْرَهٍ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوِ امْرَأَةٍ عَلَى وَطْءٍ، انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) : قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، فِيمَنْ غَرَّرَ رَجُلًا وَقَالَ لَهُ: لَمْ يَطَّلِعِ الْفَجْرُ وَجَعَلَ يَأْكُلُ: إِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْغَارِّ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ، قَالَ: وَلَوْ أَطْعَمَهُ بِيَدِهِ لُقْمَّةً وَجَعَلَ الطَّعَامَ فِي فِيهِ فَهَاهُنَا يُكَفِّرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْفِعْلِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْآكِلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَهِكٍ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَذَبَ وَغَرَّهُ، انْتَهَى مِنَ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ. قَالَ: نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الْأَقْفَهْسِيِّ.

ص: (لَا إِنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) ش: هَذَا هُوَ الْإِفْطَارُ بِالتَّأْوِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَلَى قِسْمَيْنِ: قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْقَرِيبُ مَا كَانَ مُسْتَنِدَ السَّبَبِ إِلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ، وَالْبَعِيدُ مَا اسْتَنَدَ إِلَى سَبَبٍ غَيْرِ مَوْجُودٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَرِيبُ الْمُسْتَنِدُ لِحَادِثٍ، وَقَوْلُهُ: أَفْطَرَ نَاسِيًا، يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ مُبِيحٌ لَهُ الْإِفْطَارَ بَعْدَ ذَلِكَ، لِكَوْنِ صَوْمِهِ قَدْ بَطَلَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمَّدًا مُعْتَقِدًا أَنَّ التَّمَادِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقِيلَ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ. وَثَالِثُهَا: إِنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ كَفَّرَ، وَبِغَيْرِهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

ص: (أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مِنْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ جُنُبٍ فَلَمْ يَغْتَسِلْ إِلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَوْمَهُ وَيُبِيحُ لَهُ الْإِفْطَارَ فَأَفْطَرَ مُتَعَمَّدًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُصَنَّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ خِلَافًا، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْعُذْرُ فِي هَذِهِ أَضْعَفُ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلِهَذَا يُمْكِنُ إِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِيهَا.

ص: (أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ فَظَنَّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَأَنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ لَهُ الْإِفْطَارَ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمَّدًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ. وَالْعُذْرُ فِي هَذَا أَضْعَفُ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ إِنْ لَمْ يُقِلْ أَحَدٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015