أَوْ فَرْجِ مَيْتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، وَإِخْرَاجِ مَنِيٍّ وَلَا أَثَرَ لِلْمُسْتَنْكِحِ مِنْهُ وَمِنَ الْمَذْيِ، انْتَهَى.
وَلِأَجْلِ إِخْرَاجِ الْمُسْتَنْكِحِ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْقَيْءِ الْغَالِبِ وَالِاحْتِلَامِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِخْرَاجُ مِنِّي الخ.
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا مَنْ أَمْذَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوِ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا أَخْرَجَ الْمَذْيَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ الْإِنْعَاظَ، وَذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ قَوْلَيْنِ، قَالَ فِيهِ: رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ غَمَزَهَا أَوْ بَاشَرَهَا فِي رَمَضَانَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. إِلَّا أَنْ يُمْذِيَ، فَيَقْضِيَ، انْتَهَى. فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي الْإِنْعَاظِ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ جَامَعَهَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ بَاشَرَهَا فَأَنْزَلَ، فَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ بَاشَرَهَا فَأَمْذَى أَوْ أَنْعَظَ وَحُرِّكَ مِنْهُ لَذَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُمْذِ فَلْيَقْضِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا أَنْعَظَ وَلَا حَرَّكَ ذَلِكَ مِنْهُ لَذَّةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي الْإِنْعَاظِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ.
وَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ طَلْقٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ نَظَرَ قَاصِدًا إِلَى التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ، أَوْ تَذَكَّرَ قَاصِدًا إِلَى التَّلَذُّذِ بِذَلِكَ، أَوْ لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَنْعَظَ وَلَمْ يُمْذِ، فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذِهِ.
وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَمَا دُوَنَهَا مِنْ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ، فَإِنْ أَنْعَظَ عَنْ مُبَاشَرَةٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ أَنْعَظَ مِمَّا دُونَهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي أَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي الْمَذْيِ وَالْإِنْعَاظِ قَوْلَانِ:
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْقَوْلُ بِالْقَضَاءِ فِي الْإِنْعَاظِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَمْدِيسِيَّةِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - وَهُوَ الْأَشْهَرُ ـ: وَبِعَدَمِهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ.
قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إِذَا حَصَلَ عَنْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ لَمْسٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَطْلَقَ فِي الْبَيَانِ الْخِلَافَ، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ، وَلَفَظُ عِيَاضٍ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ مِنْهُ شَيْئًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ: لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ مِنْهُ شَيْئًا. وَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إِذَا أَنْعَظَ وَلَمْ يُمْذِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْحَمْدِيسِيَّةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالْقُبْلَةِ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا يَرَيَانِ فِي الْإِنْعَاظِ شَيْئًا مِنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ، وَوَافَقَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رَأْيِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْقُبْلَةِ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ فِي الْكِتَابِ: لَا قَضَاءَ فِيهِمَا؛ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يُمْذِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا نَقَلَهَا الْبَاجِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ نَصًّا. وَقِيلَ: إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَنْعَظَ عَنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ، وَأَمَّا عَنْ نَظَرٍ وَلَمْسٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُمْذِيَ، انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ نَظَرَ أَوْ فَكَّرَ فَلَمْ يَسْتَدِمْ فَلَا قَضَاءَ، أَنْعَظَ أَوْ أَمْذَى لِلْمَشَقَّةِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: تَقْيِيدُهُ هُنَا بِعَدَمِ الِاسْتِدَامَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْمَذْيِ وَالْإِنْعَاظِ مَعَ اسْتِدَامَتِهِ، (فَإِنْ قُلْتَ) : هَلْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إِذَا حَصَلَ مِنْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ، وَالثَّانِي مَا إِذَا كَانَ عَنْ نَظَرٍ، وَيَكُونُ كَلَامُهُ مَبْنِيًّا عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عِيَاضٌ؟ قِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَيَّدَ كَلَامَهُ بِنَفْيِ الِاسْتِدَامَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اسْتَدَامَ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَتِلْكَ الطَّرِيقَةُ لَيْسَ فِيهَا تَفْضِيلٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا أَمْذَى مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ يُخَالِفُ الْمُدَوَّنَةِ، نَعَمْ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، انْتَهَى.
وَفِي التَّنْبِيهِ لِابْنِ بَشِيرٍ: نَبْدَأُ بِأَوَائِلِ الْجِمَاعِ وَمُقْتَضَيَاتِ الشَّهْوَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَنَذْكُرُ مَا يَكُونُ عَلَيْهَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. فَنَقُولُ: إِنَّ مَنْ فَكَّرَ فَالْتَذَّ بِقَلْبِهِ فَلَا حُكْمَ لِلَّذَّةِ، وَهَذَا مِمَّا تُسْقِطُهُ الشَّرِيعَةُ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ حَرَجٌ، فَإِنْ أَنْعَظَ بِذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ أَمْذَى نَظَرْتَ هَلِ اسْتَدَامَ أَمْ لَا؟ فَإِنِ اسْتَدَامَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَمْذَى قَصْدًا فَيُؤْمَرُ بِالْقَضَاءِ، وَهَلْ يَجِبُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ الْقَضَاءَ لَأَدَّى إِلَى الْحَرَجِ الَّذِي تُسْقِطُهُ الشَّرِيعَةُ السَّمْحَةُ، وَإِنْ أَمْنَى فَإِنِ اسْتَدَامَ قَضَى وَكَفَّرَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ فَالْقَضَاءُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِلَّةً فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ