أَوْ عَقْبًا أَوْ غَيْرَهُ. قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ الِازْدِرَادَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إِفْطَارُهُ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَقَاسُوا الطَّعْمَ عَلَى الرَّائِحَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّائِحَةَ لَا تَسْتَصْحِبُ مِنَ الْجِسْمِ شَيْئًا بِخِلَافِ الطَّعْمِ، انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْحَفَرُ - بِسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا - وَحَكَاهُمَا فِي الصِّحَاحِ، وَهُوَ تَزْلِيعٌ فِي أُصُولِ الْأَسْنَانِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: يُقَالُ: حَفَرَتْ أَسْنَانُهُ، إِذَا فَسَدَتْ أُصُولُهَا.

ص: (وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ إِنْ عُلِمَتِ السَّلَامَةُ، وَإِلَّا حَرُمَتْ) ش: ذَكَرَ أَدْنَاهَا وَهُوَ الْفِكْرُ، وَوَاحِدًا مِنْ أَعْلَاهَا وَهُوَ الْقُبْلَةُ؛ لِيُعْلَمَ الْحَكَمُ فِي بَقِيَّتِهَا، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَعْلَى لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْأَدْنَى جَائِزٌ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ تُوُهِّمَ أَنَّ الْأَعْلَى مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إِنْ عُلِمَتِ السَّلَامَةُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِنَ الْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي قَوْلِهِ: وَالْقُبْلَةُ وَالْمُلَاعَبَةُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْقُبْلَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا هُوَ الْمَشْهُورُ، إِنْ عُلِمَتِ السَّلَامَةُ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ والإِنْعَاظِ، وَإِنْ عُلِمَ نَفْيُهَا أَوِ اخْتَلَفَ حَالُهُ حَرُمَتْ، وَكَذَا إِنَّ شَكَّ، عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ بِالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَلَا قَضَاءَ فِي مَجْرَّدِهَا. فَإِنْ أَنْعَظَ أَوْ أَمْذَى قَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَمْنَى قَضَى وَكَفَّرَ عَلَى الْمَشْهُورِ، انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفِكْرِ هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ آخِرًا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: والمَبَادِئُ كَالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْمُلَاعَبَةِ إِنْ عُلِمَتِ السَّلَامَةُ لَمْ تَحْرُمْ، وَإِنْ عُلِمَ نَفْيُهَا حَرُمَتْ، وَإِنْ شَكَّ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ.

قَالَ: لَمْ يَذْكُرِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إِلَّا فِي الْمُلَاعَبَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْقُبْلَةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْفِكْرُ فَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْتَدَامَا لَمْ يَحْرُمَا اتِّفَاقًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا عُلِمَتِ السَّلَامَةُ، وَإِلَّا فَبَعِيدٌ أَنْ يُقَالَ بِالْجَوَازِ مَعَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُمَنِي أَوْ يُمْذِي، انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ: قَوْلُهُ لَمْ تَحْرُمْ، نَفْيُهُ التَّحْرِيمَ لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ وَلَا الْإِبَاحَةَ، وَقَدْ كَرِهُوا ذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ، وَقَدْ جَعَلُوا مَرَاتِبَ الْكَرَاهَةِ تَتَفَاوَتُ بِالْأَشَدِّيَّةِ عَلَى نَحْوِ مَا رَتَّبَ الْمُؤَلِّفُ المَبَادِئَ، فَالْفِكْرُ أَخَفُّهَا، وَأَشَدُّهَا الْمُلَاعَبَةُ، انْتَهَى.

ص: (وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ) ش: وَمِثْلُهَا الْفِصَادَةُ. قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَتُكْرَهُ الْفِصَادَةُ وَالْحِجَامَةُ، قَالَ الشَّيْخُ زَرُوقٌ: الْعِلَّةُ فِي كَرَاهَتِهَا وَاحِدَةٌ، وَهِيَ التَّغْرِيرُ، انْتَهَى.

وَهَذَا فِيمَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ فَهِيَ جَائِزَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَعَكْسُهُ عَكْسُهُ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ هَذَا - أَعْنِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ - بِأَنْ لَا يَكُونَ التَّأْخِيرُ يَضُرُّ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِنْ أَدَّى إِلَى الْفِطْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيُّ: فَإِنِ احْتَجَّ أَحَدٌ عَلَى تَغْرِيرٍ ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى الْفِطْرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015