الْفِطْرَ، انْتَهَى.

ص: (وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ) ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ مِنَ الصِّيَامِ، أَوْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَهَذَا فِي النَّذْرِ الْمَضْمُونِ، وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَإِذَا جَاءَ زَمَنُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّطَوُّعُ فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ، قَالَهُ فِي جَامِعِ الْأُمَّهَاتِ لِلثَّعَالِبِيِّ، نَاقِلًا لَهُ عَنِ الْمُنْتَقَى، وَيُفْهَمُ مِنْهُ: أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالصَّوْمِ قَبْلَ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إِذَا لَمْ يَجِئْ زَمَنُهُ لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(تَنْبِيهَاتٌ) :

الْأَوَّلُ: الظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ صَوْمٍ وَاجِبٍ فِي مَعْنَى النَّذْرِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْآتِي.

الثَّانِي: قَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنْ تَطَوَّعَ صَحَّ صَوْمُهُ، قَالَ ابْنٌ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: يَتِمُّ تَطَوُّعَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ، وَقَدْ أَخْطَأَ فِي تَطَوُّعِهِ قَبْلَهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ؛ فَإِنَّ الزَّمَانَ صَالِحٌ لِلتَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ، فَأَيُّهُمَا وَقَعَ صَحَّ. وَإِنَّمَا كَانَ الْقَضَاءُ أَوْجَبَ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ مُرْتَهِنَةٌ بِهِ، فَيَسْعَى فِي بَرَاءَتِهَا ثُمَّ يَتَطَوَّعُ بِمَا أَحَبَّ، انْتَهَى. وَهَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الطِّرَازِ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

الثَّالِثُ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُتَأَكِّدِ مِنْ نَافِلَةِ الصَّوْمِ كَعَاشُورَاءَ: هَلِ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَ فِيهِ رَمَضَانَ؟ وَيُكْرَهُ أَنْ يَصُومَهُ تَطَوُّعًا، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي سَمَاعٍ ابْنِ وَهْبٍ؟ أَوْ هُوَ مُخَيَّرٌ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا فِي الْبَيَانِ. أَمَّا مَا دُونُ ذَلِكَ مِنْ تَطَوُّعِ الصِّيَامِ، فَالْمَنْصُوصُ كَرَاهَةُ فِعْلِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ، وَأَطَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا الْكَلَامَ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا كُلَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ - فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ. قَالَ: فَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَجَائِزٌ أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اسْتَحَبَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ فِي عَشَرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمُ. قَالَ: وَيَقْضِي فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا اسْتَحَبُّوا ذَلِكَ لِفَضْلِهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ التَّطَوُّعُ قَضَى فِيهَا الْوَاجِبَ، انْتَهَى.

ص: (وَإِلَّا تَخَيَّرَ) ش: هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي صَدَرَ بِهِ فِي الشَّامِل، وَفَرَّعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015