شَاءَ، إِلَّا أَنْ لَا يُدْرِكَهُمَا قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلْيَبْدَأْ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ قَبْلَ نَذْرِهِ، انْتَهَى.

ص: (وَفِدْيَةٌ لِهَرِمٍ وَعَطِشٍ) ش: الْمُرَادُ بِالْهَرِمِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَأَمَّا الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي زَمَنٍ دُونَ زَمَنٍ، فَيُؤَخَّرُ لِلزَّمَنِ الَّذِي يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا قَائِلَ فِي الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ يُطْعِمُ، انْظُرْ الجَزُولِيَّ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فِي المُسْتَعْطِشِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ إِذَا بَلَغَ الْجُهْدُ مِنْهُ، وَلَا يُعِدِ الشُّرْبَ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.

ص: (وَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَكَرِهَ كَوْنَهَا الْبِيضَ كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» فَكَرِهَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ صِيَامُهَا، وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَتَعَمَّدَ صِيَامَ الْأَيَّامِ الْبِيضِ وَهُوَ يَوْمُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، عَلَى مَا رُوِيَ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَ صِيَامَهَا وَاجِبًا، وَرُوِيَ أَنَّ صِيَامَ الْأَيَّامِ الْغُرِّ وَهِيَ أَوَّلُ يَوْمٍ، وَيَوْمِ عَشْرٍ، وَيَوْمِ عِشْرِينَ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ صَوْمَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ: الْمُرَغَّبُ فِيهِ مِنَ الشُّهُورِ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَشَعْبَانُ، وَمِنَ الْأَيَّامِ سِتٌّ مِنْ شَوَّالٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُوصَلَ بِيَوْمِ الْفِطْرِ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَفِي مُسْلِمٍ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ» ، الْحَدِيثُ. وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ صِيَامَهَا فِي غَيْرِهِ خَوْفًا مِنْ إِلْحَاقِهَا رَمَضَانَ عِنْدَ الْجُهَّالِ، وَإِنَّمَا عَيَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ شَوَّالٍ لِلْخِفَّةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِقُرْبِهِ مِنَ الصَّوْمِ، وَإِلَّا فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِهِ فَيَشْرَعُ التَّأْخِيرُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَالشَّهْرُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسِّتَّةُ بِسِتِّينَ كَمُلَتْ السَّنَةُ، فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ صِيَامَ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَكَانَ يَصُومُهَا؛ أَوَّلَهُ وَعَاشَرَهُ، وَالْعِشْرِينَ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الْغُرُّ، وَاخْتَارَ أَبُو الْحَسَنِ تَعْجِيلَهَا أَوَّلَهُ وَهِيَ صِيَامُ الدَّهْرِ، انْتَهَى.

وَفِي الْعُمْدَةِ لِابْنِ عَسْكَرٍ: وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ الْبِيضِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّبِيْبِيُّ: إِنَّمَا كَرِهَهَا مَالِكٌ مَخَافَةَ أَنْ تَلْحَقَ بِرَمَضَانَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ صِيَامُهَا، وَاسْتُحِبَّ صِيَامُهَا فِي غَيْرِ شَوَّالٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَضَاعُفِ أَيَّامِهَا وَأَيَّامِ رَمَضَانَ حَتَّى تَبْلُغَ عِدَّةَ الْأَيَّامِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ، وَمَحَلُّ تَعْيِينهَا فِي شَوَّالٍ عَلَى التَّخْفِيفِ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ لِاعْتِيَادِهِ الصِّيَامَ لَا لِتَخْصِيصِ حُكْمِهَا بِذَلِكَ؛ إِذْ لَوْ صَامَهَا فِي عَشَرِ ذِي الْحِجَّةِ لَكَانَ ذَلِكَ أَحْسَنَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ حِيَازَةِ فَضَلِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ وَالسَّلَامَةِ مِمَّا اتَّقَاهُ مَالِكٌ، انْتَهَى.

وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: لَوْ صَامَهَا فِي عَشَرِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَخ، عَنِ الْجَوَاهِرِ. وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ: وَصْلُ الصَّوْمِ بِأَوَائِلِ شَوَّالٍ مَكْرُوهٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ النَّاسَ صَارُوا يَقُولُونَ تَشْيِيعُ رَمَضَانَ، وَكَمَا لَا يُتَقَدَّمُ لَا يُشَيَّعُ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ قَطْعًا لِقَوْلِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] كَانَ مِنْ شَوَّالٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ أَفْضَلُ وَمِنْ أَوْسَطِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ وَهَذَا بَيِّنٌ، وَهُوَ أَحْوَطُ لِلشَّرِيعَةِ وَأَذْهَبُ لِلْبِدْعَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015