مَرَّةً وَيُسَلِّمُ فِيهِنَّ عَشْرَ تَسْلِيمَاتٍ، أَتَدْرُونَ مَا ثَوَابُهُ؟ فَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ جِبْرِيلَ عَلَّمَنِي ذَلِكَ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَفِظَهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، وَأُجِيرَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَجَازَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عِقَابٍ» وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.

وَمِنْهَا أَيْضًا حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ وَصَلَّى فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ يُرَى لَهُ» وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.

ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صِلَاتِهِ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ- أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا، حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَ سِتِّينَ سَنَةً، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَمِنْهَا حَدِيثُ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ، وَفِيهِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِيْ، وَرَمَضَانُ شَهَرُ أُمَّتِي، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مَعْنَى قَوْلِكَ رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْمَغْفِرَةِ، وَفِيهِ تُحْقَنُ الدِّمَاءُ، وَفِيهِ تَابَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ، وَفِيهِ أَنْقَذَ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ يَدِ أَعْدَائِهِ، مَنْ صَامَهُ اسْتَوْجَبَ عَلَى اللَّهِ مَغْفِرَةً بِجَمِيعِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَعُمْرِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ، وَأَمَانًا مِنَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ. فَقَامَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ فَقَالَ: إِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لِأَعْجِزُ عَنْ صِيَامِهِ كُلِّهِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صُمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَوْسَطَ يَوْمٍ مِنْهُ، وَآخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنَّكَ تُعْطَى ثَوَابَ مَنْ صَامَهُ كُلَّهُ» ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةَ الرَّغَائِبِ. الْحَدِيثُ بِطُولِهِ.

ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ شَهْرَ رَجَبٍ شَهْرٌ عَظِيمٌ، مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَمَنْ صَامَ مِنْهُ يَوْمَيْنِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ أَلْفَيْ سَنَةٍ، وَمَنْ صَامَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَمَنْ صَامَ مِنْهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُغْلِقَتْ عَنْهُ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَمَنْ صَامَ مِنْهُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ فَيَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ، وَمَنْ صَامَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَنَاتٍ وَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ غُفِرَ لَكَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ» .

قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ أُخَرَ كُلَّهَا بَاطِلَةٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بَعْضَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَكَذَلِكَ الجَزُوِليُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَذَكَرَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنِ الْحُلَيْمِيِّ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِصَوْمِ رَجَبٍ ذِكْرٌ فِي الْأُصُولِ الْمَعْرُوفَةِ سِوَى مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ شَعْبَانَ» ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَجَبًا قَدْ ظَهَرَ فَضْلُهُ، فَإِنَّهُ مِنَ الْحُرُمِ، وَكَانَ مُعَظَّمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ وَاسْأَلُوا عَنْ شَعْبَانَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُهُ مُسْتَحَبًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ رَمَضَانَ، فَهُوَ كَالْأَشْهُرِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا الْمُتَّصِلُ بِرَمَضَانَ وَالتَّنْبِيهُ بِهِ عَنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ شَعْبَانُ، فَإِنَّ فِيهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ كَمَا فِي رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فَاسْأَلُونِي عَنْهُ لَا عَنْ رَجَبٍ.

قَالَ الْحُلَيمِيُّ: وَهَذَا أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ ذَا الْقِعْدَةِ مِنَ الْحُرُمِ، وَلَمْ يَرِدْ فِي صِيَامِهِ شَيْءٌ.

الثَّانِي: أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ» .

قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِهَا: انْفَرَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ كُلِّهِ» وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ، وَقَالَ: إِنَّ فِيهِ دَاوُدَ بْنَ عَطَاءٍ. لَيَّنَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَالَ: دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَإِنَّمَا الرِّوَايَةُ فِيهِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَحَرَّفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015