مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَصُمْ بَعْدَ رَمَضَانَ إِلَّا رَجَبًا وَشَعْبَانَ» ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

ثُمَّ قَالَ: وَوَرَدَ فِي فَضْلِ رَجَبٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْبَاطِلَةِ أَحَادِيثُ لَا بَأْسَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا، مِنْهَا حَدِيثُ: «رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي، وَرَمَضَانُ شَهَرُ أُمَّتِي» رَوَاهُ النَّقَّاشُ الْمُفَسِّر، وَرَوَاهُ ابْنُ نَاصِرٍ فِي أَمَالِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: رَجَبٌ لَا يُقَارِنُهُ مِنَ الْأَشْهُرِ أَحَدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٌ، يَعْنِي ذَا الْقِعْدَةِ، وَذَا الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمَ، أَلَا وَإِنَّ رَجَبًا شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانَ شَهْرِي، وَرَمَضَانَ شَهَرُ أُمَّتِي، فَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا اسْتَوْجَبَ رِضْوَانَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ، وَأَسْكَنَهُ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى، وَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمَيْنِ فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ ضِعْفَانِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ ضَعْفٍ مِثْلَ جِنَانِ الدُّنْيَا، وَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا، طُولُ مَسِيرَةِ ذَلِكَ سَنَةٌ، وَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ عُوفِيَ مِنَ البَلَاءَاتِ؛ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» .

وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ ذَكَرَهُ مِنْ طُرُقٍ، وَفِي بَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى بَعْض، فَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: «خِيرَةُ اللَّهِ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرُ رَجَبٍ» .

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْبَاطِلَةِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ السَّقَطِيُّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «فَضْلُ رَجَبٍ عَلَى الشُّهُورِ كَفَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْأَذْكَارِ، وَفَضْلُ شَعْبَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ كَفَضْلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَفَضْلُ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ» .

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ وَيُدْعَى الْأَصَمُّ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ يُعَطِّلُونَ أَسْلِحَتَهُمُ» الْحَدِيثُ. قَالَ: وَهُوَ - إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا - فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ الْأَصَمُّ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا اسْتَوْجَبَ رِضْوَانَ اللهِ الْأَكْبَرَ» وَهُوَ مَتْنٌ لَا أَصْلَ لَهُ، بَلِ اخْتَلَقَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ السَّقَطِيُّ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ رَجَبٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صِيَامَ شَهْرٍ، وَمَنْ صَامَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُغْلِقَ عَنْهُ سَبْعَةُ أَبْوَابِ النَّارِ، وَمَنْ صَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ صَامَ نِصْفَ رَجَبٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ، وَمَنْ صَامَ رَجَبًا كُلَّهُ حَاسَبَهُ حِسَابًا يَسِيرًا» .

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً فِي رَجَبٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ قَصْرًا مَدّ بَصَرِهِ، أَكْرِمُوا رَجَبًا يُكْرِمْكُمُ اللَّهُ بِأَلْفِ كَرَامَةٍ» وَهُوَ مَتْنٌ لَا أَصْلَ لَهُ، بَلِ اخْتَلَقَهُ السَّقَطِيُّ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «رَجَبٌ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَأَيَّامُهُ مَكْتُوبَةٌ عَلَى أَبْوَابِ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَإِذَا صَامَ الرَّجُلُ مِنْهُ يَوْمًا وَجَوَّدَ صِيَامِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، نَطَقَ الْبَابُ وَنَطَقَ الْيَوْمُ، فَقَالَا: يَا رَبُّ اغْفِرْ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ صَوْمَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ لَمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ» رَوَاهُ النَّقَّاشُ فِي فَضَائِلِ الصِّيَامِ لَهُ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ كَانَ كَصِيَامِ سَنَةٍ، وَمَنْ صَامَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ غُلِّقَتْ عَنْهُ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَمَنْ صَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فُتِّحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، وَمَنْ صَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ، فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ، وَفِي شَهْرِ رَجَبٍ حُمِلَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ فَصَامَ وَأَمَرَ مِنْ مَعَهُ أَنْ يَصُومُوا» . رَوَيْنَاهُ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَزَادَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: «فَصَامَ وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصُومُوا شُكْرَ اللَّهِ بِهِمْ، فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى الْجُودِيِّ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَفِي رَجَبٍ تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ، وَعَلَى أَهْلِ مَدِينَةِ يُونُسَ، وَفِيهِ فُلِقَ الْبَحْرُ لِمُوسَى، وَفِيهِ وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ وَعِيسَى» .

وَمِنْهَا حَدِيثٌ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا عِشْرِينَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015