يَنْبَغِي تَشْبِيهُ الثَّانِي بِهِ

ص (وَنَهْيُ خَطِيبٍ وَأَمْرُهُ وَإِجَابَتُهُ)

ش: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي فِي حَدِيثِ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَتَحَدَّثُ فَمَضَى فِي حَدِيثِهِ مَا نَصُّهُ: أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا فِي الْخُطْبَةِ فَقَالَ: لَا يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِسُؤَالِ سَائِلٍ بَلْ إذَا فَرَغَ يُجِيبُهُ وَفَصَلَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ وَاجِبَاتِهَا فَيُؤَخِّرُ الْجَوَابَ أَوْ فِي غَيْرِ الْوَاجِبَاتِ فَيُجِيبُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوْلَى حِينَئِذٍ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُهْتَمُّ بِهِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَلَا سِيَّمَا إنْ اخْتَصَّ بِالسَّائِلِ فَيُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُ ثُمَّ يُتِمُّ الْخُطْبَةَ وَكَذَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُؤَخِّرُهَا وَكَذَا يَقَعُ فِي أَثْنَاءِ الْوَاجِبِ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْجَوَابِ لَكِنْ إذَا أَجَابَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْرِفَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ بِمُهْتَمٍّ بِهِ فَيُؤَخَّرُ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى وَقَدْ وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الَّذِي سَأَلَ عَنْ السَّاعَةِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَأَجَابَهُ آخَرُ وَإِنْ كَانَ السَّائِلُ بِهِ ضَرُورَةً نَاجِزَةً فَيُقَدِّمُ إجَابَتَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي رِفَاعَةَ عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ رَجُلٌ غَرِيبٌ لَا يَدْرِي دِينَهُ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ فَتَرَكَ خُطْبَتَهُ وَأَتَى بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ يُعَلِّمُهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا» وَكَمَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ يَسْأَلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الضَّبِّ وَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قَضِيَّةِ «سُلَيْكٍ لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ أَصَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ» . الْحَدِيثُ.

وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ فَيَعْرِضُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رُبَّمَا نَعَسَ بَعْضُ الْقَوْمِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ» وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ وُقُوعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ

ص (وَالْعَمَلُ يَوْمَهَا)

ش: أَيْ يُكْرَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُرِيدُ إذَا تَرَكَهُ تَعْظِيمًا لِلْيَوْمِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَمَّا تَرْكُ الْعَمَلِ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَمُبَاحٌ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَتَرْكُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِأَمْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ دُخُولِ حَمَّامٍ وَتَنْظِيفِ ثِيَابٍ وَسَعْيٍ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ بُعْدِ مَنْزِلٍ فَحَسَنٌ يُثَابُ عَلَيْهِ انْتَهَى.

ص (أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ)

ش: قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ هُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى إمَامٍ أَيْ وَكُرِهَ تَنَفُّلُ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ انْتَهَى.

وَيُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَذَانِ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَالْأَقْفَهْسِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَنَصُّ كَلَامِ الشَّارِحِ: يُكْرَهُ أَيْضًا لِمَنْ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ حِينَ يَسْمَعُ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ أَنْ يَقُومَ يَتَنَفَّلُ حِينَئِذٍ وَأَخْرَجَ بِهِ الدَّاخِلَ حِينَئِذٍ وَمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مُتَنَفِّلًا وَطَرَأَ عَلَيْهِ الْأَذَانُ فَإِنَّ هَذَا لَا يُكْرَهُ انْتَهَى.

وَنَصُّ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ بَعْدَ أَنْ جَمَعَ الْمَكْرُوهَاتِ فِي قَوْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَا تَنَفُّلُ الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَنَصُّ كَلَامِ الْأَقْفَهْسِيِّ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ جَالِسًا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْأَذَانِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: جَالِسًا مِمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا يَتَنَفَّلُ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ قَائِمًا يَتَنَفَّلُ انْتَهَى.

وَنَصُّ مَا فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَيُكْرَهُ قِيَامُ النَّاسِ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: مَحْمُولٌ عَلَى أَذَانِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا يَأْتِي مِنْ تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ انْتَهَى.

وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَذَانِ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْجُمُعَةِ بَلْ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ الْأَذَانِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فِي كَلَامِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015