الْمُتَقَدِّمُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَنْعَ التَّنَفُّلِ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفَ بِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَنَصُّهُ: قَالَ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ خَشْيَةَ اعْتِقَادِ فَرْضِيَّتِهِ فَلَوْ فَعَلَهُ إنْسَانٌ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ وَيَنْهَى الْإِمَامُ النَّاسَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ الرُّكُوعِ بَعْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ ثُمَّ قَالَ وَلَا يُمْنَعُ الرُّكُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِمَنْ أَرَادَهُ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ عَنْ اتِّخَاذِ ذَلِكَ عَادَةً بَعْدَ الْأَذَانِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَسَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَازَ قَبْلَهُ وَحَرُمَ بِالزَّوَالِ)
ش: وَكَذَلِكَ فِي الْعِيدِ يُكْرَهْ السَّفَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَحْرُمُ بَعْدَ طُلُوعِهَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْعِيدِ.
ص (كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتِهِ)
ش: اعْلَمْ أَنَّ الْإِنْصَاتَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ وَأَمَّا الْعِيدُ وَالِاسْتِسْقَاءُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُنْصِتُ لَهُمَا كَمَا يُنْصِتُ لِلْجُمُعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا وَاضِحٌ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهَا خُطْبَةٌ مَشْرُوعَةٌ لِلصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْإِنْصَاتِ وَذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ إلَى أَنَّهَا لِلتَّعْلِيمِ لَا لِلصَّلَاةِ كَخُطَبِ الْحَجِّ فَلَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهَا وَالِاسْتِمَاعُ إلَيْهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الصَّلَاةِ الْخُطَبُ ثَلَاثٌ: خُطْبَةٌ يَجِبُ الْإِنْصَاتُ إلَيْهَا وَالِاسْتِمَاعُ إلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لِلصَّلَاةِ، وَخُطْبَةٌ لَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهَا وَلَا الِاسْتِمَاعُ لَهَا بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ خُطَبُ الْحَجِّ وَهُنَّ ثَلَاثٌ: أَوَّلُهَا قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمِ بِمَكَّةَ بَعْدَ الظُّهْرِ وَالثَّانِيَةُ: خُطْبَةُ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالثَّالِثَةُ: ثَانِي يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى بَعْدَ الظُّهْرِ؛ إذْ لَا اخْتِلَافَ أَنَّهَا لِلتَّعْلِيمِ لَا لِلصَّلَاةِ، وَخُطْبَةٌ يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ لَهَا وَالِاسْتِمَاعِ إلَيْهَا وَهِيَ خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ انْتَهَى.
وَهَذَا الْكَلَامُ شَرْحُ قَوْلِهِ وَسُئِلَ عَنْ الْإِمَامِ يَخْطُبُ مِنْ أَمْرِ كِتَابٍ يَقْرَؤُهُ وَلَيْسَ مِنْ أَمْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا الصَّلَاةِ أَنْ يُنْصِتَ مَنْ سَمِعَهُ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَالَ الْقَاضِي هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْإِنْصَاتَ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْخُطْبَةِ بِالصَّلَاةِ لِاتِّصَالِهَا بِهَا وَكَوْنِهَا بِمَعْنَاهَا فِي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِيهَا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْبَلَنْسِيُّ الْخُطَبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُنْصَتُ فِيهِ وَهِيَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَقِسْمٌ لَا يُنْصِتُ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلُّهَا وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِنْصَاتَ فِيهِمَا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْكَلَامُ عِنْدَنَا مُحَرَّمٌ بِكَلَامِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ: خُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ انْتَهَى.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَلَامَ يَحْرُمُ بِأَوَّلِ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا يُسَلِّمُ بَعْدَ رُقِيِّهِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَرُمَ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهَا وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَمْنَعُ جُلُوسَهُ لَهَا التَّخَطِّي لِفُرْجَةٍ وَالتَّنَفُّلُ وَلَوْ تَحِيَّةً ابْنُ بَشِيرٍ اتِّفَاقًا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ وَمِمَّا يَحِلُّ مَحَلَّ الْكَلَامِ تَحْرِيكُ مَا لَهُ صَوْتٌ كَالْحَدِيدِ أَوْ الثَّوْبِ الْجَدِيد وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَرَّكَ الْحَصْبَاءَ فَقَدْ لَغَا» انْتَهَى.
ص (بِقِيَامِهِ)
ش: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ بِخُطْبَتِهِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ بِقِيَامِهِ بَلْ رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ الْإِنْصَاتَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا خَطَبَ قَائِمًا
ص (وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ)
ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ