أَفْذَاذًا فَنَفَذَ رَأْيُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَخَرَجَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَصَلَّى وَحْدَهُ فَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقَالَ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قُلْت) وَمَحْمَلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يُقِيمُوا الْجُمُعَةَ مَعَ غِيبَتِهِ وَهُوَ بَيِّنٌ وَاضِحٌ انْتَهَى.

ص (وَإِلَّا لَمْ تُجْزِ)

ش: كَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ لَمْ تُجْزِ مِنْ الْإِجْزَاءِ.

وَهَكَذَا نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ: يُرِيدُ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ لَا تَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ انْتَهَى.

(قُلْت) وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَفَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إذْنَ الْإِمَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّهُمْ إذَا مَنَعَهُمْ وَأَمِنُوا أَقَامُوهَا وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَإِذَا نَهَجَ السُّلْطَانُ فِيهَا مَنْهَجًا فَلَا يُخَالَفُ وَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَالْحَاكِمِ إذَا حَكَمَ بِقَضِيَّةٍ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ حُكْمَهُ مَاضٍ غَيْرُ مَرْدُودٍ؛ وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ حُكْمِ السُّلْطَانِ سَبَبُ الْفِتْنَةِ وَالْهَرَجِ وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ انْتَهَى، وَهَذَا التَّوْجِيهُ الَّذِي ذَكَرَهُ جَازَ فِيمَا إذَا أَمِنُوا فَتَأَمَّلْهُ.

ص (وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَصِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ» قَالَ الْبَاجِيُّ قَوْلُهُ: غَسْلَ الْجَنَابَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ غُسْلًا عَلَى صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْجُنُبَ الْمُغْتَسِلَ لِجَنَابَتِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ اغْتَسَلَ أَوْ غَسَّلَ أَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَى غَيْرِهِ بِالْجِمَاعِ وَاغْتَسَلَ هُوَ مِنْهُ انْتَهَى.

وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ يَسْمَعُ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» انْتَهَى.

مِنْ التَّرْغِيبِ وَقَالَ إثْرَهُ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَاهُ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْكَلَامِ الْمُتَظَافِرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ التَّوْكِيدُ؛ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى غَسَّلَ غَسَلَ رَأْسَهُ خَاصَّةً وَاغْتَسَلَ غَسَلَ سَائِرَ الْجَسَدِ.

وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ غَسَّلَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015