إمَامٌ لَوْ قَالَ وَاسْتِئْذَانُ إمَامٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ.

ص (وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ إلَّا لِعُذْرٍ)

ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ بَاعَ شَاةً مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ الْمُصَلِّينَ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا حَيْثُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ أَرْبَعُ طَوَائِفَ: طَائِفَةٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَهُمْ الْمَرْضَى وَالْمُسَافِرُونَ وَأَهْلُ السُّجُونِ فَهَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ جَاءَتْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ لِعُذْرٍ فَإِنْ جَمَعُوا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يُعِيدُوا.

وَطَائِفَةٌ تَخَلَّفَتْ عَنْ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَجْمَعُونَ أَمْ لَا عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَعَ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ فَإِنْ جَمَعُوا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ لَمْ يُعِيدُوا.

وَطَائِفَةٌ فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فَهَؤُلَاءِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ وَقَدْ قِيلَ يَجْمَعُونَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَإِنْ جَمَعُوا لَمْ يُعِيدُوا.

وَطَائِفَةٌ تَخَلَّفَتْ عَنْ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَهَؤُلَاءِ لَا يَجْمَعُونَ.

وَاخْتُلِفَ إنْ جَمَعُوا فَقِيلَ يُعِيدُونَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُونَ انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ فِي رَسْمٍ نَقَدَهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَيْضًا فِي قَرْيَةٍ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَحَوْلَهَا مَنَازِلُ عَلَى مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةُ إنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا قَالَ فَإِنْ صَلَّوْا ظُهْرًا جَمَاعَةً فَبِئْسَ مَا صَنَعُوا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ قَالَ وَمِثْلُهُ مَنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ: إنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ إذَا فَاتَتْهُمْ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُهُ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ إنْ جَمَعُوا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا مُنِعُوا مِنْ الْجَمْعِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجُمُعَةِ أَوْ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِأَهْلِ الْبِدَعِ فَإِذَا جَمَعُوا وَجَبَ أَنْ لَا يُعِيدُوا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَأَشْهَبَ وَكَذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ غَالِبٍ الْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ إلَّا أَنَّهُمْ إنْ جَمَعُوا فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ فِي الْمُتَخَلِّفِينَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إذَا قِيلَ إنَّهُمْ يَجْمَعُونَ وَإِنْ كَانُوا تَعَذَّرُوا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُحْرَمُوا فَضْلَ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهَا: وَإِذَا فَاتَتْ الْجُمُعَةُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجْمَعُوا قُوَّةُ لَفْظِهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا تَخَلَّفَتْ عَنْ الْجُمُعَةِ لِأَجْلِ بَيْعَةِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ فَإِنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ لَمَّا وَقَعَتْ بِهِمْ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَجَمَعَ ابْنُ وَهْبٍ بِمَنْ حَضَرَ وَرَأَى أَنَّهُمْ كَالْمُسَافِرِينَ وَلَمْ يَجْمَعْ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَهُمْ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى شُهُودِهَا فَقَدِمُوا عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لَا يَجْمَعُوا وَقَالَ: لَا يَجْمَعُ إلَّا أَهْلُ السِّجْنِ وَالْمَرْضَى وَالْمُسَافِرُونَ وَلَمَّا بَانَ كُفْرُ عُبَيْدِ اللَّهِ الشَّعْبِيِّ فِي الْجَامِعِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْقَيْرَوَانِ تَرَكَ جَبَلُ بْنُ حَمُّودٍ الصَّلَاةَ فِي الْجَامِعِ فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِإِمَامٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَكَانَ مِنْ رِجَالِ سَحْنُونٍ صَحِبَهُ عِشْرِينَ سَنَةً؛ فَقَالَ لَهُ: نَحْنُ أَقَمْنَا أَنْفُسَنَا مَقَامَ الْمَسْجُونِينَ وَوَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقُرْطُبَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ غَابَ الْأَمِيرُ وَكَانَ مُحْتَجِبًا لَا تُسْتَطَاعُ رُؤْيَتُهُ فَأَفْتَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنْ يَجْمَعَ النَّاسُ ظُهْرًا وَأَفْتَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُصَلُّوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015