فَلَوْ زَالَتْ الشَّمْسُ وَلَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ الرُّجُوعُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الطِّرَازِ فَقَالَ وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَزَالَتْ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالِ فَإِنْ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْجُمُعَةِ حَتَّى جَاوَزَ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالِ تَمَادَى وَذَلِكَ تَخْفِيفٌ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَذَانِ وَوَقْتَ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ فَلَا يُرَاعَى الْوَقْتُ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ أُذِّنَ لَهَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ قَالَ الْبَاجِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.

ثُمَّ وَجَّهَ النَّظَرَ بِنَحْوِ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَصُّ كَلَامِ الْبَاجِيِّ: فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأُذِّنَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ بِمَوْضِعٍ يَلْزَمُ مِنْهُ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ انْتَهَى.

وَعَلَّقَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَوْ أَنْشَأَ السَّفَرَ فَحَضَرَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالِ فَقَالَ الْبَاجِيُّ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْجُمُعَةِ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ رَفَضَ الْإِقَامَةَ وَحَصَلَ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ نِيَّةً وَفِعْلًا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لُزُومِهَا الْمُسَافِرَ قَبْلَ وَقْتِ الْمَنْعِ فَأَدْرَكَهُ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ قَوْلَا الْبَاجِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ الْأَمْرُ بِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا كَانَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا أَوْ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُدْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْأَمْرِ بِهِ انْتَهَى، وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

ص (لَا بِالْإِقَامَةِ إلَّا تَبَعًا)

ش: قَالَ فِي الْمُنْتَقَى الْإِقَامَةُ اعْتِقَادُ الْمَقَامِ بِمَوْضِعٍ مُدَّةً يَلْزَمُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ بِهَا وَالِاسْتِيطَانُ نِيَّةُ التَّأْبِيدِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ مَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فَإِنْ حَضَرَهَا صَحَّتْ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُهَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ إذَا كَانَ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ انْتَهَى.

ص (وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) ش قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتُسْتَحَبُّ الزِّينَةُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَالِاسْتِحْدَادُ وَالسِّوَاكُ وَجَمِيلُ الثِّيَابِ انْتَهَى، وَقَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

ص (وَمَشْيٌ)

ش: قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالرَّوَاحِ إلَيْهَا وَالْمَشْيُ إلَى الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ مَاءٌ أَوْ طِينٌ أَوْ بُعْدُ مَكَان وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ أَدْرَكَنِي أَبُو عِيسَى وَأَنَا ذَاهِبٌ إلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ» انْتَهَى.

ص (وَتَهْجِيرٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ التَّهْجِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ التَّبْكِيرِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهَذَا وَاضِحٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ وَلَا الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ بَهْرَامُ فِي شُرُوحِهِ لِبَيَانِ وَقْتِ التَّهْجِيرِ الْمَطْلُوبِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: التَّهْجِيرُ أَفْضَلُ مِنْ التَّبْكِيرِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ هَلْ أَوَّلُهُ الْفَجْرُ أَوْ الشَّمْسُ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْمُوَطَّإِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» فَحَمَلُوا السَّاعَةَ عَلَى الْعَادِيَّةِ وَقَسَّمَ مَالِكٌ السَّاعَةَ السَّادِسَةَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ فَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ الرَّوَاحَ لُغَةً لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015