وَقْتُهَا فِي أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُؤَخَّرُ فَكَذَلِكَ تَارِكُ الْجُمُعَةِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ وَلَمْ يُشَبِّهْ تَرْكَ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ قَالَ مُطَرِّفٌ إذَا تَرَكَهَا مِرَارًا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ عُذْرٌ فِي ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُ مَطْرُوحَةٌ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ عُذْرٌ وَيَظْهَرَ وَلَا يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ بِجَهَالَةٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ الْعُذْرُ لِلنَّاسِ وَالْمَرْءُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِحَالٍ لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا عِلَّةٍ وَلَيْسَ يَخْفَى مِثْلُ هَذَا عَلَى النَّاسِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُحَرِّقَ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا بَيْتَهُ هِيَ الْجُمُعَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْفَضْلِ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ انْتَهَى. ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعِ لِصَفْوَانَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ وَتَرَكَهَا مَرَّاتٍ ثَلَاثًا أَوْ غَيْرَهَا وَصَلَّى فِي بَيْتِهِ الظُّهْرَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إتْيَانِ الْجُمُعَةِ لَا عُذْرَ لَهُ يَحْبِسُهُ عَنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُتَأَوِّلًا وَلَكِنَّهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَاسِقٌ سَاقِطُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ وَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا وَهُوَ يُقِرُّ بِهِ انْتَهَى.

فَانْظُرْ قَوْلَهُ كَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا وَهُوَ يُقِرُّ بِهِ.

وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالتَّشْبِيهِ بِهِ مِنْ حَيْثِيَّةِ عَدَمِ كُفْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الصَّلَاةُ فِي أَيَّامِ مِنًى بِمِنًى]

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ ثُمَّ حَبَسَهُ كَرِيهٌ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ حَتَّى يُصَلِّيَ أَهْلُ مَكَّةَ الْجُمُعَةَ قَالَ أَرَى عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُقِيمًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْحَقُ الْإِمَامَ فَإِنْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ بِمِنًى وَإِلَّا صَلَّى فِي الطَّرِيقِ أَفْضَلُ انْتَهَى.

فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَفْضَلُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَيَّامِ مِنًى بِمِنًى أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ)

ش: أَتَى بِالْكَافِ لِيُنَبِّه عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَمْيَالٍ تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ فَلِذَا لَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ زِيَادَةً يَسِيرَةً تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ الثَّلَاثَةُ تَحْدِيدٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ زَادَ عَلَيْهَا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ أَوْ تَقْرِيبٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَتَجِبُ؟ قَوْلَانِ انْتَهَى.

يُشِيرُ إلَى قَوْلِهَا: وَيَجِبُ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ قَالَ ابْنُ نَاجِي فَسَّرَ الْمَغْرِبِيُّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ بِرُبْعِ الْمِيلِ وَثُلُثِهِ قَالَ وَسَأَلْت شَيْخَنَا لِمَ اعْتَبَرَ فِي الْكِتَابِ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ مَعَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالِ هُوَ الَّذِي يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الرَّفِيعُ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ تَحْقِيقٌ لِلثَّلَاثَةِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ بِكَفَرْسَخٍ مُتَعَلِّقٌ بِنَائِيَةٍ أَيْ بَعِيدَةٍ مِنْ النَّأْيِ وَهُوَ الْبَعْدُ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِثَانِيَةٍ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ كَذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ الْجُزُولِيُّ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهُ هُوَ الْمُرَاعَى شَخْصُهُ أَوْ مَسْكَنُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَسْكَنُهُ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ أَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ وَأَخَذَهُ الْوَقْتُ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ الشَّيْخُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي هَكَذَا حُكْمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْجُزُولِيِّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ أَبْعَدَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَكَانَ فِي وَقْتِ السَّعْيِ فِي ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَإِنْ كَانَ مُجْتَازًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ السَّعْيُ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فَلَهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ انْتَهَى.

(الثَّانِي) هَذَا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَنْزِلِهِ وَالْجَامِعِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ أَبِي أُوَيْسِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

ص (كَانَ أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ النِّدَاءَ قَبْلَهُ) ش نَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ تَعْلِيقُ الرُّجُوعِ بِأَنْ يُدْرِكَهُ الْأَذَانُ لَا بِالزَّوَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015