نَفْسِهِ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقَالُوا فِي الْمِيلَيْنِ كَثِيرٌ وَفِي الْمِيلِ وَنِصْفِ الْمِيلِ مَعَ الْأَمْنِ أَنَّهُ يَسِيرٌ وَذَلِكَ لِلرَّاكِبِ، أَوْ لِلرَّجُلِ الْقَوِيِّ الْقَادِرِ، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُسَافِرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ مِنْ رُفْقَتِهِ إذَا كَانَتْ الرُّفْقَةُ قَلِيلَةً وَكَانَ لَا يَتَحَقَّقُ بُخْلَهُمْ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَيَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْ حَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: يَسْأَلُ مَنْ يَلِيهِ، وَمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِي الرُّفْقَةِ فَيَسْأَلَهُمْ وَلَكِنْ يَسْأَلُ أَوَّلَ مَنْ يَلِيهِ وَيَرْجُو ذَلِكَ مِنْهُ وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ مَالِكٌ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ فَلَا يَسْأَلُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْنَعُونَهُ فَلْيَسْأَلْهُمْ، انْتَهَى.

وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: لَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْمَاءِ عِنْدَ مَنْ يَلِيهِ مِمَّنْ يَرْجُو وُجُودَهُ عِنْدَهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، انْتَهَى.

وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْأَلْ فِي الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ لَمْ يُعِدْ وَفِي الصَّغِيرَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانُوا رَجُلَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً أَعَادَ أَبَدًا وَضَعَّفَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ قَوْلَ أَصْبَغَ بِأَنَّ تَوَجُّهَ الْخِطَابِ بِالطَّلَبِ مِنْ النَّفَرِ الْيَسِيرِ مِنْ الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ كَتَوَجُّهِهِ لَوْ كَانُوا بِانْفِرَادِهِمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَا وَجْهَ أَيْضًا لِإِيجَابِهِ الْإِعَادَةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إذَا كَانُوا مِثْلَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَقَالَ: أَرَى إنْ كَانَ الْغَالِبُ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ يُعْطُونَهُ إذَا طَلَبَ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَطْلُبْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّلَبُ، انْتَهَى.

فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ مِمَّنْ يَلِيهِ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا عَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ تَرَكَ ذَلِكَ مِنْ رُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ كَثِيرَةٍ خِلَافًا لَأَصْبَغَ، وَإِنْ كَانَ يَشُكُّ فِي إعْطَائِهِمْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَيْضًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ فِي تَفْصِيلِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (أُجِيبَ) عَنْ تَفْرِقَةِ أَصْبَغَ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مَظِنَّةُ وُجُودِ الْمَاءِ لِامْتِنَاعِ اتِّكَالِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ لِانْفِرَادِهِمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ حَالِ الثَّلَاثَةِ الرُّفَقَاءِ أَقْرَبُ مِنْ عِلْمِ حَالِ غَيْرِهِمْ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) وَلَوْ طَلَبَ الْمَاءَ مِمَّنْ يَلِيهِ فَقَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ عِنْدَهُمْ فَقَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ: إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِالْمَاءِ لَمْ يَمْنَعُوهُ فَلْيُعِدْ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ مَنَعُوهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ عِنْدَ مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ مِمَّنْ كَانَ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهُ مِنْهُ كَوُجُودِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَصْبَغَ: يُعِيدُ أَبَدًا وَقَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الصَّحِيحُ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَفِي الطَّلَبِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنْ الرُّفْقَةِ ثَالِثُهَا إنْ كَانُوا نَحْوَ الثَّلَاثَةِ طَلَبَ وَإِلَّا أَعَادَ أَبَدًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: وُجُوبُ الطَّلَبِ وَإِنْ تَرَكَ أَعَادَ أَبَدًا، وَالثَّانِي نَفْيُ الْوُجُوبِ، وَالثَّالِثُ يَجِبُ فِي الرُّفْقَةِ الْيَسِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أَعَادَ أَبَدًا، وَلَا يَجِبُ فِي الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ رَاشِدٍ: وَلَمْ نَرَ أَحَدًا نَقَلَ مَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الطَّلَبِ إلَى آخِرِهِ لَا أَعْرِفُهُ، انْتَهَى.

ص (وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ)

ش: أَيْ: وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ أَنْ يَنْوِيَ بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ الَّتِي يُرِيدُهَا، أَوْ الْفِعْلَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَرَّضَ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، أَوْ الْأَكْبَرِ، فَإِنْ نَسِيَ وَهُوَ جُنُبٌ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، انْتَهَى.

وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ جُنُبٍ أَجْزَأَهُ تَيَمُّمُهُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ قَالَ: وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِحْضَارُهُ حَالَ التَّيَمُّمِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمُتَعَلِّقِ وَفِي الْأَكْبَرِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْضَارِ الْمُتَعَلِّقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015