فِي اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ التَّيَمُّمِ بِمَا فَعَلَ لَهُ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ هُنَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا ثَبَتَ جَوَازُ التَّنَفُّلِ بِالتَّيَمُّمِ فَذَلِكَ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ بِهِ، وَإِنْ تَنَفَّلَ بَعْدَ فَرْضِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِالْفَرِيضَةِ، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِيَتَنَفَّلَ شَرَعَ فِي تَنَفُّلِهِ عَقِيبَ تَيَمُّمِهِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: مَنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَأَخَّرَ تَنَفُّلُهُ فَلَا يَتَنَفَّلُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ وَيُؤَخِّرَ فِعْلَهَا إلَى آخِرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَسَنُبَيِّنُ الْأَصْلَ فِيهِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا يَتَيَمَّمُ لِصَلَاةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَيُؤَخِّرُ فِعْلَهَا، وَمِنْ شَرْطِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ قَالَ التِّلِمْسَانِيّ: وَخَالَفَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَأَجَازَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ تَرَاخَى عَنْ الصَّلَاةِ، انْتَهَى.
وَفِي الْعُمْدَةِ لِابْنِ عَسْكَرٍ مُخْتَصَرِ الْمَعُونَةِ وَلَهُ شَرْطَانِ، طَلَبُ الْمَاءِ وَاتِّصَالُهُ بِالصَّلَاةِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَا بَعْدَهُ مُتَرَاخِيَةً عَنْهُ، انْتَهَى.
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَأْتِي لَفْظُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَابْنِ بَشِيرٍ فِي كِتَابِ التَّحْرِيرِ وَالشَّبِيبِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ سَنَدٌ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ تَيَمَّمَ لِلْفَرِيضَةِ فَصَلَّى نَافِلَةً قَبْلَهَا أَنَّهُ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَجْهُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى فِعْلِهَا فَمَتَى وَقَعَ فِي حَالَةٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ فَاَلَّذِي يَتَيَمَّمُ لِلظُّهْرِ ثُمَّ شَرَعَ فِي غَيْرِهَا قَدْ تَيَمَّمَ لَهَا فِي وَقْتٍ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ التَّيَمُّمِ لَهَا فِيهِ إذْ الْحَاجَةُ لَهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي فِعْلِهَا، انْتَهَى.
بِاخْتِصَارِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ وَكَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَمَاعِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ لَا يَتَنَفَّلُ بِهِ وَلَا يَمَسُّ مُصْحَفًا وَوَجَّهَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ: وَسُئِلَ السُّيُورِيّ عَمَّنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ دَخَلَ فِي الْفَرِيضَةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ شَكٌّ فِي الْإِحْرَامِ فَقَطَعَ هَلْ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ؟ فَأَجَابَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: يُرِيدُ إذَا لَمْ يَطُلْ، فَإِنْ طَالَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَضُرُّهُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِنَّ إقَامَةَ الْمُحْدِثِ مَكْرُوهَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَذَانِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُنَا قَاعِدَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ بِهَا أُخْرَى فَإِنَّمَا الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَشْهُورِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا فِي الْمُشَبَّهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمُشَبَّهِ، وَقَدْ ظَنَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَلْزَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَمْرًا شَنِيعًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُشِيرُ إلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ حَيْثُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي تَشْبِيهِهِ الرَّفْعَ مِنْ السُّجُودِ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ)
ش: قَالَ الْمَغْرِبِيُّ: إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْمِنَّةَ فِيهِ، انْتَهَى.
مِنْ قَوَاعِدِ النِّكَاحِ.
ص (أَوْ قَرْضِهِ)
ش: سِيَاقُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَذَلَ لَهُ الْمَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَأَحْرَى عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ فِيهِ تَعْمِيرُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَرِيبٌ، وَقَدْ قَالُوا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ الثَّمَنَ لَزِمَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ وَذَكَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ إذَا بَذَلَ لَهُ ثَمَنَ الْمَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَلِيًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَوْ تَوَهُّمَهُ لَا تَحَقُّقَ عَدَمِهِ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ