أَقْوَالٍ فَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالْوِتْرِ، أَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْعِيدَيْنِ قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ، وَقِيلَ: لَا يَتَيَمَّمُ لِجَمِيعِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ لِلْعَيْنِيَّةِ دُونَ الْكِفَايَةِ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي الْأَوَّلُ، انْتَهَى.
وَهُوَ تَابِعٌ لِابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا ذَكَرَاهُ عَنْهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الْقَوْلَ بِتَيَمُّمِ الْحَاضِرِ لِلسُّنَنِ فَقَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَتَيَمَّمُ مَنْ أَحْدَثَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْعِيدَيْنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَتَيَمَّمُ، خَرَّجَ التُّونُسِيُّ الْخِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ التَّخْرِيجَ وَقَوْلُ ابْنِ سَحْنُونٍ سَبِيلُ السُّنَنِ فِي التَّيَمُّمِ كَسَبِيلِ الْفَرَائِضِ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْخُسُوفِ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ سُنَّةٍ كَمَا يَتَيَمَّمُ لِلْفَرَائِضِ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَقْدِرُ يَمَسُّ الْمَاءَ كَمَا فِي الْفَرَائِضِ وَالْمُسَافِرِ، وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصُّبْحِ إنْ تَوَضَّأَ إلَّا أَنَّهُ يُدْرِكُ الصُّبْحَ، فَإِنْ تَيَمَّمَ أَدْرَكَهُمَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَدَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، انْتَهَى.
وَالْقَصْدُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي سُنَّةً بِتَيَمُّمِ سُنَّةٍ أُخْرَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ بِتَيَمُّمِهِ ذَلِكَ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَ تَنَفُّلُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: مَا لَمْ يَطُلْ تَنَفُّلُهُ جِدًّا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: يَتَنَفَّلُ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلتَّبَعِيَّةِ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكْثِرَ مِنْهَا، وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَنْتَهِي لِدُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ عِنْدِي بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ النَّفْلِ تَابِعٌ لِلْفَرِيضَةِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّابِعِ حَالَ عَدَمِ الْمَتْبُوعِ حِسًّا وَحُكْمًا، انْتَهَى.
وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ التُّونُسِيِّ وَكَلَامَ الشَّافِعِيَّةِ وَاسْتَظْهَرَهُ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ التُّونُسِيِّ وَقَبْلَهُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ لِلْمُتَيَمِّمِ التَّنَفُّلَ مَا لَمْ يَطُلْ وَقَبْلَهُ وَلَفْظُ النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلِلْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ ذَلِكَ وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ آخِرَ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ التُّونُسِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ
ص (وَلَوْ قَصْدًا وَبَطَلَ الثَّانِي) .
ش قَالَ سَنَدٌ: إذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضَيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ بِهِ الْأَوَّلُ، أَوْ لَا يَصِحُّ بِتَيَمُّمِهِ أَصْلًا؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالنِّيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَنِيَّةٌ أُخْرَى فَهُوَ كَمَنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ الْحَدَثِ وَنِيَّةِ الْجَنَابَةِ.
ص (لَا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ)
ش: كَذَا فِي النُّسَخِ بِدُخُولِ لَامِ الْجَرِّ عَلَى مُسْتَحَبٍّ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ خُرُوجُهَا وَأَنْ يَقُولَ لَا بِتَيَمُّمٍ مُسْتَحَبٍّ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إذَا كَانَ التَّيَمُّمُ نَفْسُهُ مُسْتَحَبًّا كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّوْمِ.
ص (وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) . ش يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُرِيدَ مُوَالَاةَ أَفْعَالِ التَّيَمُّمِ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ وَالتَّرْتِيبُ: وَالْمُوَالَاةُ كَالْوُضُوءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ إجْرَاءُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي التَّرْتِيبِ هُنَا، وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ فَلَا يُمْكِنُ إجْرَاءُ كُلِّ تِلْكَ الْأَقْوَالِ إذْ لَا يَتَأَتَّى قَوْلٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَمْسُوحِ وَالْمَغْسُولِ خَلِيلٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بِالْبُطْلَانِ إذَا فَرَّقَ التَّيَمُّمُ نَاسِيًا مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ بِالصَّلَاةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَالَاةِ فَتَأَمَّلْهُ، انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ فَرَّقَ تَيَمُّمَهُ وَطَالَ ذَلِكَ ابْتَدَأَ التَّيَمُّمَ وَإِنْ قَرَّبَ أَجْزَاهُ وَهُوَ عِنْدِي مِثْلُ الْوُضُوءِ مَنْ نَسِيَ بَعْضَ تَيَمُّمِهِ حَتَّى طَالَ أَعَادَ التَّيَمُّمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الصَّلَاةِ بِأَمْرٍ يُطَوِّلُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِهَا، انْتَهَى.
وَلِهَذَا جَزَمَ فِي الْمُخْتَصَرِ بِلُزُومِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ وَلَمْ يُشْبِهُهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا فَعَلَ بِالْغُسْلِ، الْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يُرِيدَ مُوَالَاتَهُ مَعَ مَا فَعَلَ لَهُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْبِسَاطِيُّ قَالَ: وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا لِاسْتِلْزَامِهِ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، انْتَهَى.
وَلَا إشْكَالَ