التَّرَخُّصَ كَانَ كَالْمَرِيضِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ الْمَشَقَّةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ مَرَضٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي خَوْفِ الْمَرَضِ وَبَحَثَ مَعَهُ الْمَشَذَّالِيُّ فِي تَخْطِئَتِهِ لِبَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ قَائِلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ: الْمَرِيضُ الْمُنْدَرِجُ فِي الْآيَةِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ مُطْلَقًا، وَهَذَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ مِنْ وَجْهٍ فَيُطَالَبُ بِاسْتِعْمَالِهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِنْ كَانَ تَشَاغُلُهُ بِتَحْصِيلِ ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يُفِيتُهُ الْوَقْتَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ يُفِيتُهُ صَحَّ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فِيهِ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ، انْتَهَى.
هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْخِينُ الْمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَمِنْهُ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قُلْنَا: أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا تَذَكَّرَ النَّجَاسَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَقْطَعُ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ رَكْعَةً فَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ إذَا تَشَاغَلَ بِرَفْعِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَهَذَا أَوْلَى بِالتَّمَادِي؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجَاسَةِ أَخَفُّ بِالصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ لِوُجُوبِ رَفْعِهِ إجْمَاعًا، انْتَهَى.
أَوَّلُهُ بِالْمَعْنَى، وَمِنْ قَوْلِهِ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بِاللَّفْظِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ حَتَّى لَا يَسَعَ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ رَكْعَةً فَالظَّاهِرُ مِثْلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ تَخْرِيجَ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ عَلَى مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْلَى وَأَقْرَبُ وَتَخْرِيجَ الْفَرْعِ الثَّانِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَقْرَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ نَصَّ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ إنْ ضَاقَ يُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ اُنْظُرْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ التَّوْضِيحِ
ص (وَجَازَ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٌ وَطَوَافٌ وَرَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ تَأَخَّرَتْ) .
ش قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَجُوزُ أَنْ تُصَلَّى بَعْدَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بِتَيَمُّمِهِمَا فَمَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ ذِكْرَ الْجِنَازَةِ وَعَبَّرَ عَمَّا دُونَ الْفَرْضِ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالسُّنَّةِ فَتَكُونُ الرَّغِيبَةُ وَالنَّافِلَةُ أَحْرَى (فَإِنْ قُلْتُ) أَمَّا السُّنَّةُ فَمَا دُونَهَا بَعْدَ الْفَرْضِ فَجَوَازُهَا ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ النَّفْلِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوتِرَ بِتَيَمُّمِ النَّفْلِ، وَأَمَّا الْجِنَازَةُ إذَا تَعَيَّنَتْ فَكَيْفَ يُصَلِّيهَا بِتَيَمُّمِ غَيْرِهَا، وَأَمَّا الطَّوَافُ فَقَدْ أَطْلَقَهُ هُنَا كَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ يَقُولُ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِطَوَافِ النَّفْلِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ الطَّوَافَ بَعْدَ الْفَرْضِ كَالنَّفْلِ لَا أَعْرِفُهُ فِي وَاجِبِهِ فَكَيْفَ بِهِ بَعْدَ النَّفْلِ.
(قُلْتُ) لَعَلَّ قَوْلَهُ بَعْدَ هَذَا لَا فَرْضٌ آخَرُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ الْخَمْسِ، أَوْ جِنَازَةً تَعَيَّنَتْ أَوْ طَوَافًا وَاجِبًا فَيَكُونُ قَيْدًا لِمَا أَطْلَقَ هُنَا فِي الْجِنَازَةِ وَالطَّوَافِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَبَطَلَ الثَّانِي، وَلَوْ مُشْتَرَكَةً مَا يُبْعِدُهُ، وَلَا بُدَّ عَلَيَّ أَنِّي لَا أَذْكُرُ الْآنَ مَنْ صَرَّحَ بِجَوَازِ التَّبَعِيَّةِ فِي الْجِنَازَةِ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا (فَإِنْ قُلْتُ) قَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَتْ إنَّمَا يَحْسُنُ اشْتِرَاطُهُ فِي تَيَمُّمِ الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ.
(قُلْتُ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ وَبِالنِّسْبَةِ لِتَيَمُّمِ النَّفْلِ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ يَعْرِفُهُ ذِهْنُ السَّامِعِ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ حَسَنٌ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى (تَنْبِيهَاتٍ. الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى أَنِّي لَا أَذْكُرُ الْآنَ مَنْ صَرَّحَ بِجَوَازِ التَّبَعِيَّةِ فِي الْجِنَازَةِ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا.
(قُلْتُ) صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَنَصُّهُ إذَا قُلْنَا: لَا يَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ فَهَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ، أَوْ بَيْنَ فَرْضِ مُعَيَّنٍ