الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ فِي ذَلِكَ مَا يُدْرِكُ بِهِ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَقِيلَ: يُدْرِكُ بِرَكْعَةٍ كَالضَّرُورِيِّ، وَقِيلَ: بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقِيلَ: لَا يُدْرِكُ إلَّا بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ جَمِيعِهَا (الثَّانِي) الْمُرَاعَى فِي التَّشَاغُلِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ قَدْرَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ مِنْ صِفَةِ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ التَّرَاخِي وَالْوَسْوَاسِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَكَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا، وَهَذَا أَحْرَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ)

ش: أَيْ: وَكَذَلِكَ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ، أَوْ لَمْ يَجِدْ آلَةً يَتَنَاوَلُهُ بِهَا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ الْآلَةَ وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إنْ اشْتَغَلَ بِرَفْعِهِ مِنْ الْبِئْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا، أَوْ بِطَلَبِهِ خُرُوجَ وَقْتٍ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ حُكْمِ الْحَاضِرِ الصَّحِيحِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ.

ص (وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ؟ خِلَافٌ)

ش: أَيْ: فَوَاتَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ أَيْضًا فِيمَا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ، وَلَا يُقَالُ: يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ فَقَدْ قَالَ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِيمَنْ كَانَ فِي حَضَرٍ وَمَعَهُ بِئْرٌ إنْ عَالَجَهَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَالَ يُعَالِجُهَا، وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي إذَا خَافَ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْإِرْشَادِ مِنْ اعْتِبَارِ الضَّرُورِيِّ هُنَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ هُوَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ فَلَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ إلَّا إذَا خَافَ خُرُوجَهُ وَأَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي غَيْرُ مَعْرُوفٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْقَوْلُ بِالتَّيَمُّمِ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ رَوَاهُ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ قَائِلًا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَّرَهُ.

(قُلْتُ) يَكْفِيهِ مِنْ الْقُوَّةِ اخْتِيَارُ مَنْ ذَكَرْنَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَتَوَضَّأُ عَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِبَعْضِ عُلَمَائِنَا وَابْنُ عَرَفَةَ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ حَكَى فِي النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِمَنْ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِأَجْلِ مَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ مِنْ نَفْيِ الْخِلَافِ قَوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. حَتَّى سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَعَ قُوَّتِهِ وَالرَّاجِحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَأَقَامَهُ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ خَافَ فِي الْحَضَرِ: إنْ ذَهَبَ إلَى الْمَاءِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي أَنَّهُ أَهَلَّ لِتَيَمُّمٍ فَخَرَجَ الْوَقْتُ عَقِيبَ تَيَمُّمِهِ تَوَضَّأَ وَصَلَّى؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا شُرِعَ لِأَجْلِ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ، وَقَدْ ذَهَبَ قَالَهُ بَعْضُ فُضَلَاءِ أَصْحَابِنَا قَائِلًا، وَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ بَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ وَمَيْلِهِ إلَى الصَّلَاةِ بِهِ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا إذَا أَحْرَمَ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ التَّلَبُّسُ بِالْعِبَادَةِ، انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَنْ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ إذَا تَشَاغَلَ بِالطَّلَبِ فَأَحْرَى فِيمَنْ يَخَافُ خُرُوجَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ أَبِنَزْعِهِ مِنْ الْبِئْرِ، أَوْ بِطَلَبِ آلَةٍ يَنْزِعُ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْعَوْفِيُّ: لَوْ كَانَ الْمَاءُ بَارِدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضٍ بِهِ إلَّا بِتَسْخِينِهِ وَهُوَ لَوْ سَخَّنَهُ، أَوْ بُعِثَ إلَيْهِ مِنْ الْحَمَّامِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ إلَى أَنَّهُ يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي الَّذِي إذَا تَشَاغَلَ بِالْمَاءِ ذَهَبَ الْوَقْتُ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ فَإِنَّ كَوْنَهُ لَا يَقْدِرُ لِمَرَضٍ فَهَذَا مَرِيضٌ لَهُ حُكْمُ الْمَرِيضِ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ خَائِفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَزَادَ هَذَا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ لِمَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمَشَقَّةُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ تُوجِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015