وَفَرْضِ كِفَايَةٍ؟ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجْمَعُ إذَا قَدَّمَ الْمَكْتُوبَةَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ عَلَى الْجِنَازَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا كَانَتْ وَاصِلَةً بِالْفَرِيضَةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ جِنَازَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ جَنَائِزُ عِدَّةٌ يَجْتَمِعْنَ، أَوْ يُفَرَّقْنَ إذَا كُنَّ نَسَقًا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ إذَا تَعَيَّنَتْ صَارَتْ فَرْضًا وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَرْضِ كِفَايَةٍ أَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ: يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، انْتَهَى.

وَانْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ اتِّصَالُ النَّافِلَةِ بِالْفَرِيضَةِ، أَوْ اتِّصَالُ النَّوَافِلِ فِي أَنْفُسِهَا؟ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ الْأَوَّلُ وَكِلَاهُمَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَفِي سَمَاعِ مُوسَى وَصَرَّحَ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِاشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى وَصَاحِبُ الطِّرَازِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي السَّمَاعِ: أَرَأَيْت إنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ فَيُصَلِّي ثُمَّ لَمْ يَزَلْ فِي الْمَسْجِدِ فِي حَدِيثٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ يَتَنَفَّلُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ قَالَ: إنْ طَالَ ذَلِكَ فَلْيَتَيَمَّمْ تَيَمُّمًا آخَرَ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا فَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْأَصْلُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً وَأَنْ لَا يَجُوزَ التَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ إلَّا عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فَأُجِيزَ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا اتَّصَلَ مِنْ النَّوَافِلِ، وَالنَّافِلَةُ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْفَرِيضَةِ اسْتِحْسَانًا وَمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ لِكَوْنِهَا لِاتِّصَالِهَا بِهَا كَالصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا طَالَ مَا بَيْنَهُمَا سَقَطَتْ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ وَرَجَعَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَى حُكْمِ الْأَصْلِ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ، انْتَهَى.

وَفِي الْجَلَّابِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ إذَا أَتَى بِهَا فِي أَثَرِهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ نَوَافِلَ عِدَّةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إذَا كُنَّ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِذَا قَطَعَهُنَّ وَأَخَّرَ بَعْضَهُنَّ عَنْ بَعْضٍ أَعَادَ التَّيَمُّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، انْتَهَى.

وَفِي الْمُنْتَقَى، وَإِنْ صَلَّى نَوَافِلَ مُتَّصِلَةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّى فَرِيضَةً ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا نَافِلَةً، أَوْ نَوَافِلَ وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْفَرِيضَةِ، انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِشَرْطِيَّةِ نِيَّةِ النَّافِلَةِ عِنْدَ تَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(قُلْتُ) ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَنَصُّهُ: مِنْ شَرْطِ جَوَازِ إيقَاعِ النَّفْلِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ النَّفَلُ مُتَّصِلًا بِالْفَرْضِ فَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ فَلَا يَتَنَفَّلُ بِهِ، وَلَا يَمَسُّ مُصْحَفًا وَشَرَطَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنْ تَكُونَ النَّافِلَةُ مَنْوِيَّةً عِنْدَ تَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَمْ يُصَلِّهَا، انْتَهَى.

وَهَذَا عَلَى مَا رَأَيْتُهُ أَوَّلًا فِي نُسَخِ ابْنِ غَازِيٍّ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا بِشَرْطٍ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ بِالْبَاءِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَتَيْنِ مُصَحَّحَتَيْنِ مِنْهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ عَلَى أَنَّهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مُصَلَّحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَالشَّامِلِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ مَعَ تَكَلُّمِهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْبَيَانِ، وَلَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَلَا فِي الْأَجْوِبَةِ، وَلَا فِي كِتَابِ التَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ لَهُ بَلْ كَلَامُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَجِيءُ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَاكِرِ صَلَوَاتٍ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ أَوْ طَلَبَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِمَا اتَّصَلَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الَّتِي نَوَاهَا عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا وَإِذَا قُلْنَا: أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي الْفَرَجِ هَذِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهَا إجَازَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَالنَّوَافِلِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إذَا اتَّصَلَتْ وَكَانَ تَيَمُّمُهُ لَهَا كُلِّهَا تَقَدَّمَتْ النَّوَافِلُ أَوْ تَأَخَّرَتْ وَأَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مِنْ النَّوَافِلِ إلَّا مَا نَوَاهُ أَيْضًا بِتَيَمُّمِهِ وَاتَّصَلَ عَمَلُهُ وَأَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ لِمَكْتُوبَةٍ نَافِلَةً لَمْ يَنْوِهَا وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَكْتُوبَةِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ النَّافِلَةِ بِتَيَمُّمِ الْمَكْتُوبَةِ إذَا اتَّصَلَتْ بِهَا قِيلَ: لَهُ إذَا جَازَ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015